أبواب القضاء مع وجود روايات كثيرة من طرقنا يحتمل اتكالهم عليها، أنهما في مقام بيان حكم آخر، أما الأول منهما ففي مقام بيان كيفية القضاء إن قصرا فقصرا وإن تماما فتماما، كما أن الأمر كذلك في طائفة من روايتنا: مثل صحيحة زرارة " قال قلت: له رجل فاتته صلاة من صلاة السفر فذكرها في الحضر؟ قال: يقضي ما فاته كما فاته إن كانت صلاة السفر أداها في الحضر مثلها وإن كانت صلاة الحضر فليقض في السفر صلاة الحضر كما فاتته " (1) فهي كالتفسير للنبوي المتقدم الأول وتكون في مقام بيان حكم آخر فلا اطلاق لها ولا للنبوي المفسر بها.
وأما النبوي الثاني فمضافا إلى احتمال اختصاصه بالناسي كما يشعر به قوله:
" إذا ذكرها " ففي مقام بيان جواز اتيان القضاء بلا كراهية في أي وقت من الأوقات فهو كطائفة أخرى من رواياتنا كالصحاح المتقدمة، ومما ذكرنا يظهر الكلام في الروايات التي هي من طرقنا فإنها جميعا في مقام بيان أحكام أخر لا اطلاق في واحد منها كما يظهر بالنظر إليها.
ودعوى أنه يفهم منها ولو بملاحظة المجموع أن وجوب قضاء الفرائض على من لم يأت بها في وقتها كان من الأمور المعهودة لديهم، غير مفيدة، لأن معهوديته في الجملة ضرورية، ولزومه في الجملة منصوصة، لكن لا يثبت بها الحكم في الموارد المشكوك فيها، وإن رجعت الدعوى إلى معهودية القضاء مطلقا حتى في مثل المقام فهي فاسدة جدا.
وبالجملة لا يثبت بتلك الروايات إلا المعهودية في الجملة، وهي غير مفيدة و ما هي مفيدة غير ثابتة بها خصوصا في مثل فاقد الطهورين الذي تنصرف عنه الأذهان لغاية ندرته، بل هو من الفروع التي أبداها الفقهاء ولم يكن معهودا، بل يمكن التشبث لسقوط القضاء بالتعليل الوارد في المغمى عليه بأنه كلما غلب الله عليه فالله أولى بالعذر، إلا أن يقال إن الأخذ بهذا العموم مشكل لورود تخصيصات كثيرة عليه.