وفي الروايات هو أحد الطهورين. وهو مذهب المحقق والشهيد الثانيين خلافا للمحكي عن المنتهى ولعله من أن المانع هو حدث الجنابة والتيمم لا يرفعه، وهو طهور بمنزلة الماء في كل ما يجب فيه الغسل، لا ما توقف على رفع الجنابة، فالتيمم يجب في كل موضع يجب فيه الغسل، لا فيما يشترط بعدم الجنابة ويشعر به قوله في صحيحة ابن مسلم " فإن انتظر ماء يسخن أو يستقى فطلع الفجر فلا شئ عليه " (1) حيث إنه لم يأمر بالتيمم إلى أن قال: فالأحوط التيمم " انتهى ".
وفيه (أولا) ما تقدم من أن التيمم رافع للجنابة في الموضوع الخاص، كما هو مقتضى الأدلة وقد دفعنا الاشكال العقلي فيما مر، (وثانيا) لو فرض عدم رفعها فلا اشكال في أن مقتضى الأدلة رفع مانعيتها، فهو لو لم يكن طهورا بمنزلته ويقوم مقامه في كل ماله من الآثار بمقتضى عموم المنزلة، وإن شئت قلت: إن دليل عموم المنزلة حاكم على ما دل على أن الجنابة مانعة أو رفعها شرط.
وأما صحيحة محمد بن مسلم فهي عن أحدهما في حديث " أنه سأله عن الرجل تصيبه الجنابة في رمضان ثم ينام قال: إن استيقظ قبل أن يطلع الفجر فإن انتظر ماء يسخن أو يستقى فطلع الفجر فلا يقضي صومه " فالظاهر أنها بصدد بيان حكم آخر و هو حكم طلوع الفجر حال انتظار تسخين الماء أو استقائه لا لتكليفه عند ضيق الوقت فالسؤال إنما هو عن طلوع الفجر فجأة، وهو غير مربوط بالمقام، كرواية إسماعيل ابن عيسى عن الرضا عليه السلام وفيها " قلت: رجل أصابته جنابة في آخر الليل فقام ليغتسل ولم يصب ماء فذهب يطلبه أو بعث من يأتيه بالماء فعسر عليه حتى أصبح كيف يصنع قال: يغتسل إذا جاء ثم يصلي " (2) فإنها أيضا في مقام بيان حكم آخر لا يمكن الاستشهاد عليها بسكوته في مقام البيان، لصحة الصوم مع ترك التيمم عمدا كما لا يخفى ثم إن مقتضى اطلاق المنزلة وعمومها قيام التيمم مقام الوضوءات المستحبة حتى وضوء الحائض للذكر والأغسال المستحبة حتى غسل الجمعة، والاستشكال في الأول