الكل في مثل هذا الأمر العقلي الذي ربما يطابق الوجدان خطأ فاحش، سيما مع ورود نظيره في الشرع كمقدمات الحج وظهور الكتاب والسنة إلا بعض الروايات في كون الصلاة بالنسبة إلى الأوقات من قبيل الواجب المعلق لا المشروط كما سيأتي. مضافا إلى عدم اتكال كثير من قدماء أصحابنا على مثل تلك العقليات التي كثرت وشاعت لدى متأخري المتأخرين كما لا يخفى.
ومن هنا يمكن كشف كون الحكم معهودا من الصدر الأول، وأما لو أغمضنا عن ذلك فالاتكال على الدليل العقلي المتوهم في المقام غير ممكن بأن يقال:
إن الصلاة من قبيل الواجب المشروط بالأوقات فقبل مجيئ أوقاتها لا يكون التكليف بها فعليا، ومع عدم وجوب ذي المقدمة لا يمكن وجوب مقدمته لعدم امكان تحقق المعلوم قبل علته، ومعه لا يمكن صحته لأجل الاتيان به بداعي الأمر المقدمي الموهوم.
وفيه: بعد تسليم كون الصلاة من الواجب المشروط وتسليم وجوب المقدمة شرعا وتسليم صلوح الأمر الغيري للعبادية، أن التحقيق امكان وجوب المقدمة قبل وجوب ذيها لما حققناه في محله.
ومجمله أن الملازمة على فرض تسليمها ليس بين وجوب المقدمة ووجوب ذيها، ولا بين إرادتها وإرادته بمعنى نشو وجوب عن وجوب أو إرادة عن إرادة، لأن البعث إلى ذي المقدمة لو كان علة تامة لبعث آخر متعلق بمقدمته بحيث يكون البعث إليها لازم البعث إليه ومعلوم، لزم منه مقهورية الآمر الباعث لذي المقدمة للبعث إلى مقدمته بلا حصول مقدماته، وما يتوقف عليه من التصور والتصديق بالفائدة وغيرهما وهو ضروري الفساد، كما أن معلولية إرادة المقدمة لا إرادة ذي المقدمة بذلك المعنى ضروري البطلان، ضرورة أن كل إرادة تحتاج في تحققها إلى مباد تصورية و تصديقية لا يعقل تحققها بدونها.
نعم ما يمكن أن يقال في باب وجوب المقدمة أن إرادتها تحصل من مباد خاصة بها هي تصورها، وتصور توقف ذي المقدمة عليها والتصديق به، وادراك لزوم حصولها