لفعل رسول الله صلى الله عليه وآله وأبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام أو دلالتها على أن عملهم كان بنحو الدفعة، لا يظهر منها التعيين للفرق الظاهر بين الاتيان باليدين الظاهر في الدخالة وبين الاتيان دفعة، لأنه لو كان مجزيا باليد الواحدة لكان ضم اليد الأخرى إليها بلا وجه، لعدم تعارف ضم ما ليس بدخيل إلى ما هو الدخيل بخلاف الدفعة، فإنها متعارفة بعد لزوم كون المسح باليدين، والتعارف يوجب عدم الظهور في التعيين كما أن السيرة على الدفعة لا تكشف إلا صحته كذلك، وأما بطلان غيره فلا كما لا يخفى وهذا بخلاف السيرة على المسح باليدين فإنها كاشفة عن دخالة اليد، وذلك لما مر من عدم تعارف ضم ما ليس بدخيل فلا تغفل لكن الاحتياط لا ينبغي تركه.
الجهة الثالثة الظاهر عدم اعتبار كون المسح بجميع الكف لاطلاق الآية، و ظهور الأدلة في أن ضرب اليد على الأرض إنما هو لايصال أثرها ولو اعتبارا إلى الممسوح وليس للكفين إلا سمة الآلية للمسح منها، فإذا حصل ببعض الكف سقط التكليف وبعبارة أخرى أن المسح منها الذي هو الواجب الأصيل يحصل بتحقق صرف الوجود من المسح، ويتحقق ذلك بأول مرتبة الامرار، والزائد يحتاج إلى دليل، ولا دليل عليه إلا توهم ظهور الأدلة في وجوب الضرب بجميع الكف، ولما كان ذلك للمسح لا بد من كونه بجميعها.
وفيه أن تقليب ذلك الدليل أولى بحسب ارتكاز العرف بأن يقال: إن الضرب لما كان للمسح وهو يحصل ببعض الكف، فهو دليل على عدم لزوم الضرب بجميعها، والأولوية لأجل أن المطلوب الأصلي هو المنظور فيه، والتبعي منظور لأجله، وبعد اقتضاء الدليل كون الضرب للمسح الحاصل بأول وجود الامرار لا ينقدح في ذهن العرف توسعة ذي الآلة بل ينقدح فيه تضييق الآلة.
هذا مع أن ظاهر الأدلة انصرافا هو المسح بوضع طول الماسح على عرض الممسوح في الكف، وهو أزيد منه بمقدار معتد به، بحيث يرى العرف زيادته عليه، وكذا يزيد عرض اليدين عن الجبهة والجبينين، ومع لزوم الاستيعاب كان اللازم التنبيه عليه