هارون عليهما السلام لا يستلزم نيابته عن هارون وأصالة هارون في نيابته عن موسى وعدم أصالة المولى عليه السلام في نيابته عن رسول الله صلى الله عليه وآله.
وأما الرواية الثانية فلا اشعار فيها للمدعى فإن كون التيمم للوضوء لا معنى له بحسب ظاهره، والظاهر أن ذكر الوضوء وغسل الجنابة لمجرد المعرفية عن التيمم الذي هو للحدث الأصغر والأكبر فلا يستفاد منه البدلية بوجه.
وكذا لا تستفاد من الثالثة لأن قوله من الوضوء لولا تعقبه بقوله والجنابة وعن الحيض لا يبعد ظهوره في البدلية، وإن كان وقوعه في لفظ الراوي لا يفيد شيئا، وليس قول الإمام تقريرا لذلك، لكن مع تعقبه به يدفع ذلك والانصاف أن تلك الروايات لا تكون في مقام إفادة بدلية التيمم وأصالة الوضوء والغسل، بل هي بصدد مجرد المعرفية نظير قوله في صحيحة محمد بن مسلم بعد بيان التيمم " ثم قال: هذا التيمم على ما كان فيه الغسل " الخ بل الظاهر من مثل قوله، " التراب أحد الطهورين " وقوله: " إن الله جعلهما طهورا: الماء والصعيد " عدم البدلية ثم إنه لا يبعد أن يكون القائل بكون التيمم مبيحا لا رافعا هو القائل ببدليته بأن يقول إن المعتبر في الصلاة هو الطهور، وهو لا يحصل إلا بالوضوء والغسل، وأما التيمم فبدل عن الطهور لا موجب له ورافع للحدث وإلا فلو قيل بحصول الطهور منهما لا معنى للبدلية، وسيأتي في المسألة الآتية ما هو التحقيق.
ثم إن ما ذكرنا هاهنا من انكار البدلية بالمعنى المتقدم لا ينافي ما سيأتي منا كرارا من التمسك باطلاق البدلية وعموم المنزلة كما يظهر بالتأمل.
ومنها صرح غير واحد بل ادعى الاجماع جماعة بأن التيمم ليس برافع للحدث بل هو مبيح فلا يجوز فيه نية الرفع، وقد استدل عليه بعد الاجماع ببعض وجوه عقلية سيأتي الكلام فيها وفي حال الاجماع المدعى.
وليعلم أنه لا ريب في أن المستفاد من الأخبار استفادة قطعية بأن التيمم طهور كما أن الوضوء والغسل كذلك، كقوله: إنه أحد الطهورين، وإن رب الماء هو رب الصعيد