منها أن مقتضى ما حقق في محله من أصالة التوصلية في الأوامر، أما للاطلاق اللفظي لجواز أخذ جميع القيود حتى ما تأتي من قبل الأوامر في متعلقاتها كما هو التحقيق، وأما للاطلاق المقامي بعد كون بيان جميع القيود الدخيلة في المتعلقات المؤثرة في حصول الغرض من وظائف المولى، وامكان بيانها بدليل منفصل عدم وجوب شئ في التيمم سوى الضرب والمسحات المأخوذة في الأدلة كتابا وسنة، ولا اشكال في اطلاق طائفة من الروايات.
كموثقة زرارة عن أبي جعفر في التيمم " قال: تضرب بكفيك الأرض ثم تنفضهما وتمسح بهما وجهك ويديك " (1) وقريب منها صحيحة المرادي (2) وكبعض ما وردت في قضية عمار بن ياسر وغيرها، بل الظاهر اطلاق الآية الكريمة أيضا كما يشهد به بعض ما ورد من تمسك المعصوم بالخصوصيات المأخوذة فيها مما لا مجال له إلا للاطلاق، لكن يجب الخروج عن مقتضى الاطلاقات بقيام الاجماع بل الضرورة على عبادية التيمم ولزوم النية والاخلاص فيه.
وقد مر في بعض المباحث السالفة وفي بحث الأصول أن مناط عبادية الطهارات الثلاث ليس الأوامر الغيرية من غاياتها، ولو قلنا بوجوب المقدمة مع بطلانه أيضا، وأن عباديتها في رتبة سابقة على تعلقها على الفرض.
وكيف كان لا شبهة في اعتبار النية في التيمم وقد تظافرت دعوى الاجماع عليه كما عن الغنية ونهاية الأحكام والذكرى وارشاد الجعفرية والمدارك وكشف اللثام بل عن المعتبر والتذكرة وجامع المقاصد وروض الجنان اجماع علماء الاسلام عليه.
وعن المنتهى لا نعرف فيه خلافا، وبه قال أهل العلم سوى ما حكي عن الأوزاعي و الحسن بن صالح بن حي بل لزوم النية قصد القربة والاخلاص فيه وفي أخويه ضروري في الفقه، ولزوم الاخلاص في العبادة مستفاد من السنة المستفيضة.