وأما اعتبار قصد الوجه والتنجيز في النية وغيرهما كقصد البدلية فلا دليل عليه بل مقتضى الاطلاق عدمه، ولو قلنا بأن التيمم بدل عن الوضوء والغسل، فإن عنوان البدلية بناء عليه ثابت لنفسه من غير دخالة للقصد فيه بل في امكان ذلك تأمل واشكال مع أنه لا دليل على كونه بدلا منهما، خصوصا إن أريد بالبدلية كون التيمم بدل الطهور فإنه مخالف للأدلة ومجرد كونه أمرا ثابتا في حال الاضطرار ومصداقا اضطراريا لا يستلزم البدلية فإنها أمر زائد عليه، فإن أريد بالبدلية كونه مصداقا اضطراريا ولهذا يقال إنه بدل اضطراري. فهذا أمر لا معنى للنزاع فيه ولا مشاحة في الاصطلاح، وإن كان المراد بها أمرا زائدا على ذلك وعنوانا ملازما للمصداق الاضطراري فهو ممنوع، فإن المصداق الاضطراري يمكن أن يكون مستقلا في التأثير في ظرفه لا نائبا عن غيره وبدلا عنه فلا ملازمة بينهما عقلا ولا عرفا.
ودعوى استفادة ذلك من بعض الأخبار كصحيحة حماد بن عثمان " قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل لا يجد الماء أيتيمم لكل صلاة؟ فقال: لا هو بمنزلة الماء " (1) وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام " قال: قلت له: كيف التيمم؟ فقال: هو ضرب واحد للوضوء والغسل من الجنابة " (2) وموثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام " قال:
سألته عن التيمم من الوضوء والجنابة ومن الحيض للنساء سواء؟ فقال: نعم " (3) مدفوعة لأن كونه بمنزلة الماء في جواز اتيان الصلوات الكثيرة به لا يلازم كونه بدلا منه، فإن وحدة منزلة شيئين في حصول أمر لو لم نقل بكونها دليلا على استقلال كل في حصوله، لا يكون دليلا على نيابة أحدهما عن الآخر أو بدليته.
وبالجملة لا يستفاد منه إلا كون التيمم مثل الوضوء في الحكم المذكور أو مطلقا نظير قوله: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى " فإن كون أمير المؤمنين بمنزلة