إنما عرضت لها القذارة، بملاقاتها والماء طهور لها وموجب لعودها إلى الحالة الأصلية وحال الوضوء والغسل الطهورين من الأحداث، والقذارات المعنوية حال الماء الطهور من القذارات الصورية.
ويظهر ذلك بالتأمل في الآية الكريمة حيث قال تعالى: " وإن كنتم جنبا فاطهروا " أي من الجنابة. وكذا يظهر من قوله: " إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا) الخ المفسر بأنه إذا قمتم من النوم فيظهر منه أن الوضوء لرفع حدث النوم، و كذا يظهر ذلك من صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام " قال: لا صلاة إلا بطهور و يجزيك عن الاستنجاء ثلاثة أحجار بذلك جرت السنة من رسول الله صلى الله عليه وآله وأما البول فإنه لا بد من غسله " (1).
حيث إن اطلاقها يقتضي نفي الصلاة إلا بطهور من الأحداث والأخباث، وذيلها ظاهر في أن الاستنجاء بالأحجار، وغسل البول لإزالة القذر، ومقتضى وحدة السياق والحكم أن يكون الطهور من الأحداث كذلك، فليست الصلاة مشروطة بالطهارة أي الأمر المعنوي الحاصل بالوضوء والغسل، نعم الطهارات الثلاث عبادات مقربات إلى الله تعالى، وبهذه الحيثية يطلق على الوضوء أنه نور والوضوء على الوضوء نور على نور، لكن لم يتضح كونها بتلك الحيثية شرطا للصلاة، بل الظاهر أنها مع عباديتها رافعة للقذارات المعنوية التي هي مانعة عنها، وبالجملة الأقرب بالنظر إلى مجموع الأدلة هو مانعية الأحداث والأرجاس عن الصلاة والطهور رافع لها. والمسألة تحتاج إلى زيادة تفصيل وتنقيح.
إذا عرفت ذلك نقول: يمكن أن يقال: إن الأحداث الحادثة بأسبابها إنما تعرض على المكلف وتصير كالحالة الأصلية الثانوية له والتيمم إنما يرفع الحدث ما دام متحققا فإذا انتقض بوجدان الماء وغيرة ترجع الحالة الأصلية الثانوية وهو بوجه نظير النظافة التي للأشياء فإنها نظيفة لولا عروض القذارة عليها، ومع رفع القذارة عنه ترجع إلى حالتها الأصلية