بينها بوجه آخر وهو حمل ما دل على جوازه اختيارا على الطين الذي يصدق عليه أنه صعيد بقرينة قوله في رواية زرارة: " أنه صعيد " وحمل صحيحة أبي بصير على الوحل الذي يكون مصداقا عذريا بقرينة قوله: " إن الله أولى بالعذر " لعدم تناسبه مع الطين الصادق عليه الصعيد خصوصا مع جعله في الصحيحة متأخرا عن الغبار الذي لا تصدق عليه الأرض بلا اشكال.
وإن شئت قلت: إن اطلاق صدرها وإن يقتضي كون المراد بالطين أعم من الوحل ويمكن جعل قوله: " إن الله أولى بالعذر " دليلا على أن مطلق الطين فرد اضطراري لكن كون التعليل بأمر ارتكازي، وهو أنه مع عدم امكان الصعيد والعذر منه يتيمم بالطين يمنع عن اطلاقه فيفهم منه أن المراد به ما لا يصدق عليه الأرض أي الوحل، خصوصا مع بعد تأخر الأرض عن الغبار، فيكون مقتضى الصحيحة تأخر الوحل عن الغبار، و هي تصير قرينة على ساير الروايات كموثقة زرارة وصحيحة رفاعة ولو مع قطع النظر عن رواية زرارة ومرسلة ابن مطر.
فتحصل مما ذكر أن مقتضى الجمع المذكور جواز التيمم بالطين الصادق عليه الأرض اختيارا، وعند الاضطرار يقدم الغبار على الوحل الذي هو خارج عن مسمى الأرض حفظا لظهور صحيحة أبي بصير، ولعل تعبيرات الفقهاء في المتون بالوحل للجمع المذكور، مع تطابق النصوص جميعا بذكر الطين وكان المناسب تبعيتهم لها في التعبير كما هو بنائهم في ساير الموارد غالبا خصوصا قدماء أصحابنا فرفع اليد عما في النصوص بعنوان مغاير في الجملة للطين، لا بد له من نكتة لا يبعد أن تكون ما ذكرناه من الجمع.
قال الشيخ في النهاية: فإن كان في أرض وحلة لا تراب فيها ولا صخر، وكانت معه دابة فلينفض عرفها أو لبد سرجها وتيمم بغبرته فإن لم يكن معه دابة، وكان معه ثوب تيمم منه، فإن لم يكن معه شئ من ذلك وضع يديه جميعا على الوحل ويمسح إحديهما بالأخرى وينفضهما حتى يزول عنهما الوحل ثم يتيمم، ولا يجوز التيمم بما لا يقع عليه اسم الأرض بالاطلاق سوى ما ذكرناه " انتهى ".