معه من الماء ما يكفيه للغسل أيتوضأ بعضهم ويصلي بهم؟ قال: لا ولكن يتيمم الجنب ويصلي بهم فإن الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا " (1) فنفي البأس في موثقة ابن بكير إنما هو لأجل كون التراب طهورا كالماء فلا اشكال في المسألة من هذه الجهة.
إنما الاشكال من جهتين أخريين (الأولى) هي الاشكال العقلي المعروف وهو أن التيمم إذا كان رافعا ومفيدا للطهارة لا يمكن أن ينتقض بوجدان الماء الذي ليس بحدث اجماعا، مع أن وجدانه لو كان حدثا لزم المساواة في الموارد. لأنه إما حدث أصغر يوجب الوضوء أو أكبر يوجب الغسل، مع أنه بانتقاض التيمم ترجع الحالة الأولى جنابه أو حيضا أو حدثا آخر وهو دليل على عدم كونه رافعا.
ويمكن دفع الاشكالين بأن الظاهر من الأخبار في الأبواب المتفرقة أن الحدث مانع عن الصلاة سواء في ذلك الحدث الأصغر والأكبر، وايجاب الوضوء والغسل لتطهير الحدثين، ومنزلتهما كمنزلة الماء في تطهير القذارات الصورية، وعود المحل إلى حالته الأصلية.
وهذا في الحدث الأكبر واضح، ضرورة أن المكلف الذي لم يحصل له أسباب الجنابة وغيرها من ساير الأحداث الكبيرة تصح صلاته، فلو كان شرط الصلاة أمرا وجوديا وكمالا نفسانيا يحصل بالغسل لكان اللازم على المكلف الغسل ولو مع عدم حصول الأسباب.
والقول بكونه واجدا له قبل حصولها وهي صارت موجبة لزواله والغسل موجب لعوده كما ترى، والمتدبر في الروايات خصوصا ما تعرضت لعلل الغسل والوضوء لا يكاد يشك في أن الجنابة حالقة قذارة تحصل بأسبابها، والغسل تطهير من الجنابة وتلك القذارة وكذا الحال في الوضوء، بل اطلاق الطهور على الغسل والوضوء وكذا على الماء ليس إلا كاطلاقه على الماء بالنسبة إلى رافعيته للقذارات الصورية، لأن معنى التطهير التنظيف المساوق لإزالة القذارة، والأشياء غير الأعيان النجسة نظيفة بحسب ذاتها، و