مع أنه لا يوجب طهورية ما ليس بطهور، بل مقتضاه عدم سقوط الصلاة مع فقد الطهور لا جعل ما ليس بطهور طهورا، وسيأتي تتمة لذلك في محله انشاء الله.
وعن المفيد في المقنعة: وإن كن قد غطاها الثلج ولا سبيل إلى التراب فليكسره وليتوضأ به مثل الدهن " انتهى " وفيه: أنه إن كان مراده بالتوضئ مثل الدهن هو مسح الأعضاء بدل الغسل بدعوى أنه ميسوره فإنه عبارة عن ايصال الماء واجرائه عليه، و مع عدم امكان ذلك لا يسقط ميسوره، وهو ايصال رطوبة الماء وبلته إلى العضو ومسحه به كما تشهد به رواية عبد الأعلى، " قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: عثرت فانقطع ظفري فجعلت على إصبعي مرارة فكيف أصنع بالوضوء؟ قال: يعرف هذا وأشباهه من كتاب الله عز وجل، قال الله تعالى: ما جعل عليكم في الدين من حرج امسح عليه " (1) فإذا كان المسح على المرارة ميسور المسح على البشرة لانحلال المسح عليها إلى الامرار و مماسة الماسح للممسوح، فإذا رفعت المماسة للحرج بقي الامرار على الملاصق بالعضو، لارتكازية قاعدة الميسور يكون المقام كذلك جزما.
فيرد عليه بعد الغض عن سند القاعدة وعدم ثبوت جبره وعدم ثبوت كونها عقلائية يتكل بها العقلاء في أمورهم، أن عنوان المسح مقابل بل مباين للغسل، ولا يكون ميسوره عرفا، ولا يعتني العرف بهذه التحليلات العقلية، مع أن الغسل بالماء لا ينحل إلى وصول الرطوبة التي ليست بماء، بل أثره عرفا ومغاير له ذاتا، فلا مجال للتمسك بالقاعدة في مثله.
وأما رواية عبد الأعلى وإن كانت موهمة لذلك لكن التأمل فيها يدفع التوهم فإن المفروض فيها حكمان: أحدهما عدم لزوم المسح على البشرة، والثاني لزوم المسح على المرارة وما يعرف من كتاب الله، أي آية عدم جعل الحرج التي تمسك بها أبو عبد الله عليه السلام هو الحكم الأول، ضرورة أن المستفاد منها ليس إلا عدم جعل التكاليف الحرجية، وأما جعل البدل وبقاء الوضوء المركب من المسح والغسل بعد تعذر بعض أجزائه، فلا يكاد أن يستفاد ويعرف منها، مضافا إلى وضوح عدم كون المسح على المرارة ميسور