الرقيق الذي يغرق الانسان فيه.
ومع ما عرفت لا يمكن دعوى الشهرة أو الاجماع على تأخر الطين الغليظ المتماسك الذي يصدق عليه الأرض عن الصعيد، فضلا عن تأخره عن الغبار، ولا أقل من الشك فيه ومعه لا يمكن رفع اليد عن اطلاق الكتاب والسنة، ومقتضى الجمع بين الأدلة وإن عبر بعضهم بالطين كالشيخ في الخلاف، بل ولو نوقش في ظهور الأدلة فيما ذكرناه وفي اقتضاء الجمع المذكور، فلا أقل من أن ما ذكرناه احتمال مساو لما ذكروه، ودعوى الظهور فيما قالوا ممنوعة، فلا يجوز رفع اليد عن اطلاق الآية والروايات الصحاح، إلا أن يمنع صدق الأرض على الطين بجميع مصاديقه، أو يدعى انصراف الأدلة إلى غيره وهما ممنوعان مردودان إلى المدعى.
ثم إن مقتضى اطلاق الأدلة أنه ليس للتيمم بالوحل كيفية خاصة بل كيفيته هي المعهودة المتداولة في التيمم بالأرض، نعم لا مانع من فرك الطين من اليد بل لا يبعد استحبابه إن قلنا باستحباب النفض بدعوى استفادته من أدلة النفض، ولعله مراد الشيخ المفيد (ره) كما أنه ظاهر شيخ الطائفة في عبارته المتقدمة حيث قال: وضع يديه جميعا على الوحل ويمسح إحديهما بالأخرى وينفضهما حتى يزول عنهما الوحل ثم يتيمم.
فما نسب إليه من مخالفته للأصحاب ليس على ما ينبغي، بل لا يبعد أن يكون ذلك أيضا مراد صاحب الوسيلة، قال: فإن لم يكن معه شئ من ذلك ووجد وحلا يتيمم منه وضرب بيديه عليه، وقد أطلق الشيوخ رحمهم الله ذلك على الاطلاق، والذي تحقق لي منه أنه يلزمه أن يضرب يديه على الوحل قليلا ويتركه عليها حتى ييبس ثم ينفض عن اليد ويتيمم به " انتهى ".
فإن الظاهر من تعليق جواز التيمم بالوحل على عدم وجود شئ مما يتيمم به أن التيمم به بهذه الكيفية متأخر عن ساير المراتب. ولو كان مراده الحيلة إلى تحصيل التراب والتيمم به لم يكن وجه لذلك التعليق، فإن التيمم بالتراب جايز كان أصله الوحل أو لا، مع أن الظاهر منه أن كلامه في مقابل اطلاق الأصحاب في كيفية