وهي كما ترى تدل على أن الوحل بما لا يصدق عليه عنوان الأرض لا يجوز التيمم به، فدلت على أن اختصاصه بالذكر لأجل عدم صدقها عليه، فذكر الوحل الذي هو الطين الرقيق، وترك ما في النصوص وتعليله ذلك دليل على عناية به ولعلها ما ذكرناه، وإلا فلا وجه لرفع اليد عن النصوص بما يخالفها، وقد عبد بالوحل في المراسم والوسيلة والشرايع والنافع والقواعد والتذكرة و المنتهى قائلا ولو لم يجد إلا الوحل يتيمم به وهو مذهب علمائنا، وإن عبر بالطين أيضا في خلال المسائل لكن الظاهر من تلك العبارة أن التيمم بالوحل مذهب علمائنا، وكذا عبر به في الإرشاد والروض وعن الدروس وفي مفتاح الكرامة في ذيل قول الماتن ولا بالوحل، قال: أي لا يجوز التيمم بالوحل اختيارا كما صرح به المصنف وغيره، وفي مجمع البرهان عدم ظهور الخلاف فيه إلى آخر ما قال، حيث يظهر منه أن معقد عدم ظهور الخلاف عنوان الوحل.
ولا اعتماد بتفسير المتأخرين المتون المشتملة على الوحل بالطين، فإن الظاهر أن التفسير حسب اجتهادهم وعلى ما وجدوا النصوص كذلك. قال في مفتاح الكرامة: و الوحل هو الطين الرقيق كما نص عليه جماعة من الأصحاب، وهذا أيضا دليل على عناية منهم بذكر الوحل مقابل الطين.
وكيف كان لا ريب في أن تطابقهم على التعبير به ليس من باب الاتفاق بلا عناية منهم بمعنى الوحل، مع ما عرفت من حكاية تفسير جماعة منهم بالطين الرقيق، ولا يمكن حمل كلامهم على أن المراد به الطين مع ما عرفت، ومع تفسير أئمة اللغة الوحل بالطين الرقيق.
ففي الصحاح: الوحل الطين الرقيق. وفي القاموس: الوحل - ويحرك - الطين الرقيق ترتطم فيه الدواب، فما في مفتاح الكرامة حكاية عنه تفسيره بالطين مخالف لما فيه، وفسره في المنجد والمجمع بالطين الرقيق، وقد ذكر الفقهاء الموتحل و الغريق في باب صلاة الخوف قرينين، والمراد به من غرق في الوحل وهو الطين