وتدل عليه رواية زرارة عن أحدهما عليهما السلام " قال: قلت رجل دخل الأجمة ليس فيها ماء وفيها طين ما يصنع؟ قال: يتيمم فإنه الصعيد " (1) نعم ربما يشعر قوله في مرسلة علي بن مطر " صعيد طيب وماء طهور " (2) في خلاف ذلك لكن الظاهر منها أيضا جواز التيمم به لكونه صعيدا، وأما قوله: " وماء طهور " فلا بد من رفع اليد عن ظاهره لعدم صدق الماء عليه بالبداهة، فلعل المراد أنه صعيد طيب فيه ماء طهور لا يمنع عن التيمم به. تأمل.
وكيف كان بناءا على صدق الأرض على الطين ببعض مراتبه يجوز التيمم به اختيارا ولو كان بحيث تتلطخ اليد بالضرب عليه لظاهر الكتاب والسنة، فلا بد من قيام دليل على عدم الجواز يقيد اطلاقهما، وهذا بخلاف الغبار والوحل الذي لا يصدق عليه الأرض فلا بد فيهما من قيام الدليل على صحته ويظهر مما ذكر تقدم التيمم بالطين على التيمم بالغبار بمقتضى الكتاب والسنة، للصدق في الأول دون الثاني.
هذا حال الأدلة العامة وأما الأدلة الخاصة فقد استدل على تأخر الطين عن الغبار فضلا عن الأرض بروايات كموثقة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام " قال: إن كان أصابه الثلج فلينظر لبد سرجه فليتيمم من غباره أو من شئ معه، وإن كان في حال لا يجد إلا الطين فلا بأس أن يتيمم منه (3) وقريب منها صحيحة رفاعة وأما ما جعلها في الوسائل رواية أخرى عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام وهي الرواية الثالثة من الباب، فالظاهر أنها قطعة من الرواية المتقدمة لا رواية مستقلة.
ووجه الاستدلال بهذه الروايات قوله: " وإن كان في حال " الخ حيث علق فيها جواز التيمم بالطين على عدم شئ يتيمم به ولو مثل اللبد والثوب، ومقتضاه تأخر رتبته عنه.
وفيه أن الظاهر من قوله: " إن كان أصابه الثلج " بعد عدم جواز الأخذ باطلاقه كما