فمحمولة على الخوف من اللص والسبع، والاطلاق لأجل كون الأسفار في تلك الأزمنة والأمكنة مظنة الخطر نوعا، ولهذا نهى عن الطلب في رواية داود من غير فصل معللا بما ذكر.
بل في رواية يعقوب بن سالم " قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل لا يكون معه ماء والماء عن يمين الطريق ويساره غلوتين أو نحو ذلك؟ قال: لا آمره أن يغرر بنفسه فيعرض له لص أو سبع " (1) فمع فرض وجود الماء عن يمين الطريق ويساره غلوتين قال: لا آمره لأجل تغرير النفس وتعرض اللص والسبع، فيتضح منه أن الطلب واجب لولا ذلك، وأنه عليه السلام مع الأمن من ذلك يأمره به، لكن لما كانت تلك الحوادث في تلك الأسفار كثيرة نوعا قال ما قال، وكيف كان لا يمكن الاتكال برواية علي بن سالم.
فتحصل مما ذكر وجوب الطلب، ولا اشكال في أن حكم العقل بوجوبه بعد دلالة الآية على المطلوبية المطلقة للطهارة المائية هو الفحص إلى زمان اليأس أو ضيق الوقت، كما تدل عليه صحيحة زرارة عن أحدهما عليهما السلام " قال: إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام في الوقت، فإذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمم وليصل في آخر الوقت، وإذا وجد الماء فلا قضاء عليه وليتوضأ لما يستقبل " (2) لكن موثقة السكوني حاكمة على حكم العقل، وشارحة لمفاد الآية الكريمة، ومبينة لمقدار الطلب و نافيه لوجوب الزيادة.
وأما صحيحة زرارة فكما أنها معارضة لرواية السكوني، معارضة لطائفة من الروايات الآتية في محلها الدالة على جواز البدار، وصحة الصلاة في سعة الوقت مع التيمم، كصحيحة زرارة " قال قلت لأبي جعفر عليه السلام: فإن أصاب الماء وقد صلى بتيمم و هو في وقت قال: تمت صلاته ولا إعادة عليه " (3) ومثلها غيرها وموافقة لطائفة أخرى