هو العجز عن استعمال الماء فإن العجز إن كان عقليا يخرج منه كثير من المسوغات و إن كان أعم من العقلي والشرعي كما في الجواهر يخرج منه أيضا بعضها كالخوف على مال لا يجب حفظه، أو بعض مراتب النفس إن قلنا بعدم حرمته، وكباب المزاحمة مع الأهم، فإن فيها لا يعجز عقلا ولا شرعا، أما عقلا فواضح وأما شرعا فلعدم الحرمة الشرعية فيها، بل التحقيق عدم سقوط الأمر عن المهم كما ذكرنا في باب التزاحم، فحينئذ يكون التعبير عن الجامع بأن المسوغ سقوط وجوب الطهارة المائية غير وجيه أيضا لعدم السقوط في موارد التزاحم، وإن كان المكلف معذورا في تركه كما حقق في محله.
وأما عنوان المعذور عقلا أو شرعا عن المائية فالظاهر جمعه لجميع المسوغات حتى ضيق الوقت، فإن في بعضها يكون العذر عقليا وفي بعض شرعيا وفي بعض شرعيا وعقليا، و لا يهم البحث عنه، والأولى صرف عنان الكلام إلى مفاد الآية الكريمة، ليعلم مقدار سعة دلالتها للأعذار.
فنقول إن قوله: " وإن كنتم مرضى " لا يتفاهم منه عرفا أن للمرض موضوعية و استقلالا في تشريع التيمم، بحيث يكون الحكم دائرا مدار عنوانه، بل الظاهر منه هو المرض الذي يكون عذرا عند العقلاء من استعمال الماء، ويكون الغسل والوضوء منافيا له، ومضرا بحال المريض دون ما لا يضره، فضلا عما إذا كان نافعا.
ويمكن أن يقال إن العرف كما يقيد المرض بذلك، كذلك يلغي خصوصية عنوان المريض، ويفهم منه أن الميزان هو العذر عن استعماله ولو لم يكن عذره المرض كالذي يكون كسيرا أو به جرح وقرح، يكون استعماله مضرا بحاله، فالمفهوم من الآية تشريع التيمم للمعذور عن استعمال الماء لمرض وشبهه، وكذا لا يرى العرف خصوصية للسفر وموضوعية له، بل يرى أن ذكره لأجل كون الابتلاء بالفقدان فيه غالبا، خصوصا في الأسفار التي في تلك الأزمنة والأمكنة.
فما عن أبي حنيفة من أن الفقدان في السفر يوجب التيمم لا في الحضر ليس بشئ كما لا يرى الخصوصية للمجئ من الغائط أو لمس النساء، بل يرى أن الميزان