من ذلك " (1) ففيها اشكال لا لضعف سندها، فإن الأرجح وثاقة النوفلي والسكوني، كما يظهر بالفحص والتدبر في رواياتهما، وعمل الأصحاب بها، و عن الشيخ اجماع الشيعة على العمل بروايات السكوني، وقلما يتفق عدم كون النوفلي في طريقها، وعن المحقق في المسائل الغرية أنه ذكر حديثا عن السكوني في أن الماء يطهر وأجاب عن الاشكال: بأنه عامي، بأنه وإن كان كذلك فهو من ثقات الرواة وفي طريقها النوفلي ولم يستشكل فيه.
وبالجملة لا ضعف في سندها ولو سلم فهي مجبورة بعمل الأصحاب قديما وحديثا بل لدلالتها فإن الظاهر منها أنها بصدد بيان مقدار الفحص بعد مفروضية أصله، وأما كونه واجبا أو مستحبا فلا تتعرض له، فقوله: يطلب في الحزونة كذا وفي السهولة كذا، يراد به أن مقدار الطلب المفروض كذا، ولا يطلب زايدا من ذلك، وذلك مثل أن يقال يغتسل للجمعة من بين طلوع الفجر إلى الزوال، فإن الظاهر منه بيان زمان اتيان الغسل لا وجوبه بين الحدين، وكيف كان لا نحتاج في أصل الوجوب إلى تلك الرواية بعد حكم العقل ودلالة الآية الكريمة.
وأما رواية علي بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام " قال: قلت أيتيمم؟ " إلى أن قال: " فقال له داود بن كثير الرقي: فأطلب الماء يمينا وشمالا؟ قال: لا تطلب يمينا ولا شمالا ولا في بئرا، إن وجدته على الطريق فتوضأ وإن لم تجده فامض " (2) فبعد ضعف سندها بعلي بن سالم المشترك بين المجهول والبطائني الضعيف، وقرب احتمال كونها عين الواقعة التي نقلها داود، " قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام أكون في السفر فتحضر الصلاة وليس معي ماء.
ويقال إن الماء قريب منا أفأطلب الماء وأنا في وقت يمينا وشمالا قال: لا تطلب الماء ولكن تيمم، فإني أخاف عليك التخلف عن أصحابك فتضل ويأكلك السبع " لبعد سؤاله عنه مرتين، ولشباهة ألفاظهما وإن ترك بعض الخصوصيات في كل منهما.