يكلفا قطع مسافة بمشقة من غير تكلف بمؤنتهما أو غير ذلك، وفي مجمع البيان نقل عن ابن مسعود ومجاهد أن الأصل فيه لا يضار بفتح الراء الأولى، فيكون معناه لا يكلف الكاتب الكتابة في حال عذر لا يتفرع إليها ولا يضيق الأمر على الشاهد بان يدعى إلى إثبات الشهادة وإقامتها في حال عذر ولا يعنف عليها، ولا يبعد ان يكون المضارة في قوله تعالى ولا تضار وهن لتضيقوا عليهن هي عدم إسكانهن في بيوت مناسبة لحالها ليقعن في المضيقة وهو أيضا يرجع إلى ما ذكرنا قال في مجمع البيان ولا تضار وهن لتضيقوا عليهن أي لا تدخلوا الضرر بالتقصير في السكنى والنفقة والكسوة طالبين بالإضرار التضييق عليهن ليخرجن وقيل المعنى أعطوهن من المسكن ما يكفيهن لجلوسهن ومبيتهن وطهارتهن ولا تضايقوهن حتى يتعذر عليهن السكنى عن أبي مسلم انتهى، نعم الظاهر ان المضار في آية الوصية بمعنى الاضرار المالي بالورثة.
نعم الظاهر ان المضار في آية الوصية بمعنى الإضرار المالي بالورثة والمقصود من التطويل الممل هو إثبات شيوع استعمال الضرار وتصاريفه في التضييق وإيصال المكروه والحرج والتكلف وأمثالها كما ان الشائع في الضرر والضر والإضرار هو استعمالها في المال والنفس كما هو واضح.
فاتضح مما ذكرنا ان الضرر في الحديث هو النقص في الأموال والأنفس والضرار فيه هو التضييق والتشديد وإيصال المكروه والحرج، وقضية سمرة بن جندب انما تكون ضرارا على الأنصاري وتشديدا وتضييقا وإيصالا للمكروه عليه بدخوله في منزله بلا استئذان والنظر إلى شيء من أهله يكرهه الرجل وليس الضرار بمعنى الضرر في الحديث لكونه تكرارا باردا ولا بمعنى الإصرار على الضرر ولا مباشرة الضرر ولا المجازاة عليه ولا اعتبر فيه كونه بين الاثنين كما قيل، ولا أظنك بعد التأمل والتدبر فيما ذكرنا والفحص في موارد استعمال الكلمتين في القرآن والحديث والتدبر في قضية سمرة وإطلاق خصوص المضار عليه ان تتأمل في تصديق ما ذكرناه.
نعم هنا امر لا بد من التعرض له والتفصي عنه وهو ان أئمة اللغة ومهرة اللسان صرحوا بان الضرار في الحديث بمعنى المجازاة وبمعنى باب المفاعلة فعن النهاية الأثيرية معنى قوله لا ضرر، أي لا يضر الرجل أخاه فينقصه شيئا من حقه، والضرار فعال من الضر أي لا يجازيه على إضراره بإدخال الضر عليه والضرر فعل الواحد و