ثم الظاهر من الرواية انه لو لم يجز الشهادة لم يقم للمسلمين سوق فربما يستشكل عليها بان عدم جواز الشهادة لا يوجب الاختلال كما لا يخفى (وجوابه) ان ترك الشهادة أو عدم جوازها لأجل احتمال كونه لغيره لازمه الاعتناء بهذا الاحتمال وعدم اعتبار اليد وهو مساوق لعدم جواز الشراء وساير ما يترتب على اليد وهو موجب لاختلال سوق المسلمين، فتحصل مما ذكرنا ان الرواية كما تدل على اعتبار اليد تدل على أماريتها.
ومنها رواية مسعدة بن صدقة المنقولة في أبواب ما يكتسب به (1) محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة (2) عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول: كل شيء هو لك حلال حتى تعلم انه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك، وذلك مثل الثوب يكون عليك قد اشتريته وهو سرقة، والمملوك عندك لعله حر قد باع نفسه، أو خدع قبيع قهرا، أو امرأة تحتك وهي أختك أو رضيعتك، والأشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غير هذا أو تقوم به البينة.
وهذه الرواية هي عمدة ما يمكن ان يستدل بها لأصلية اليد حيث ان الظاهر من صدرها وذيلها هو ترتيب آثار الحلية على المشكوك فيه إلى ان يعلم خلافه، ولقد تمثل لذلك بمثل الثوب والمملوك اللذين تحت اليد فيجب ترتيب آثار الملكية عليهما إلى ان يعلم الخلاف وهذا معنى الأصل - هذا.
ولكن الظاهر بل المتعين كون هذه الأمثلة من قبيل التنظير لا بيان المصداق، ضرورة ان قوله: كل شيء هو لك حلال، معناه ان تمام الموضوع للحلية انما هو كون الشيء مشكوكا فيه أي إذا لم يدل دليل على حلية الشيء ولا على حرمته ويكون مشكوكا فيه فهو حلال فموضوع الحلية هي كون الشيء مشكوكا فيه ليس الا، مع انه ليس موضوع الحلية في تلك الأمثلة هو الشك وفقدان الدليل على أحد طرفي الشك، ضرورة ان اليد في قاعدتها دخيلة في الحكم بل هي تمام الموضوع له من غير دخالة الشك فيه والشك انما هو في مورده، وبالجملة ليس الشك في نفسه موضوعا للحكم بحلية ما في اليد سواء قلنا