عن سليمان بن داود (1) عن حفص (2) بن غياث عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال له رجل إذا رأيت شيئا في يدي رجل يجوز لي ان اشهد انه له قال: نعم قال الرجل اشهد انه في يده ولا اشهد انه له فلعله لغيره فقال أبو عبد الله أفيحل الشراء منه قال: نعم فقال أبو عبد الله فلعله لغيره فمن أين جاز لك ان تشتريه ويصير ملكا لك ثم تقول بعد الملك هو لي وتحلف عليه ولا يجوز ان تنسبه إلى من صار ملكه من قبله إليك ثم قال أبو عبد الله:
لو لم يجز هذا لم يقم للمسلمين سوق.
حيث يتوهم من قوله: لو لم يجز (إلخ) ان اعتبار اليد انما هو من أجل قيام سوق المسلمين وحفظ النظام وإدارة رحى الحياة لا لكشفها عن الملكية الواقعية «لكنه فاسد» يتضح فساده بعد بيان فقه الحديث فنقول: ان قوله: يجوز لي ان اشهد انه له، مراده انه يجوز لي الشهادة بالنسبة إليه كما يجوز لي في ساير الأمور أي كما انى اشهد ان الشمس طالعة والفجر طالع وزيد عالم وعمرو شجاع إلى غير ذلك مما يتعلق به الشهادة هل يجوز لي ان اشهد ذلك أيضا، وبالجملة يجوز لي الشهادة بذلك كالشهادة بسائر الموضوعات، ولا شك ان الشهادة فيها انما تتعلق بالواقع فالسؤال انما هو عن جواز الشهادة بالملكية الواقعية بمحض كون الشيء في يدي رجل فأجاب عليه السلام بقوله: نعم، فقال الرجل: ان ما اشهد انما هو كونه في يده لا انه ملكه فكيف يجوز لي الشهادة بالملكية الواقعية له مع الشك فيه فأرجعه إلى ارتكازه بطريق النقض وانه كما يجوز الشراء منه والحلف على الملكية بعد الشراء مع ان ملكيته لك انما جاءت من قبله ولا يجوز الحلف الا مع الجزم بالملكية كذلك يجوز الشهادة بكونه له، فاستدلاله عليه السلام لم يكن استدلالا بحكم شرعي بل بارتكاز عرفي وبناء عقلائي كما هو واضح فحينئذ قوله لو لم يجز هذا معناه انه لو منع الشارع من هذا الأمر الذي مدار سوق المسلمين عليه يختل النظام لا ان تجويز الشارع ذلك انما هو لقيام السوق حتى يتوهم منه الأصلية فدلالتها حينئذ على الأمارية لا تقصر عن غيرها بعد التأمل فيما ذكرنا.