واما احتمال تبدل مرتبة من العرض الذي فيه عرض عريض ونقض وكمال بمرتبة أخرى فهو ليس من القسم الثالث رأسا، لأن شخصية الفرد وهويته باقية في جميع المراتب عقلا وعرفا فالحمرة الشديدة إذا صارت ضعيفة ليس تبدله من الكمال إلى النقص تبدل فرد بفرد آخر اما عقلا فواضح عند أهله، واما عرفا فلان المراتب عندهم في أمثالها من قبيل الحالات والشئون للشيء، فشدة الحمرة وضعفها من حالات نفس الحمرة مع بقائها ذاتا وتشخصا، فالاستصحاب في مثلها من القسم الأول لا الثالث «نعم» فيما إذا علم بوجوب شيء وقطع بزواله واحتمل تبدله بالاستحباب يكون من القسم الثالث لأنه من قبيل تبدل فرد من الطلب بفرد آخر مغاير له عرفا وعقلا.
ومما ذكرنا يتضح ان استثناء الشيخ الأنصاري من عدم جريان الاستصحاب في القسم الثاني من القسم الثالث ما يكون من قبيل السواد الضعيف والشديد من الاستثناء المنقطع كما ان التفصيل بين القسمين المتقدمين الذي اختاره مما لا وجه له، لأن مقارنة الفرد لفرد آخر وعدمها لا دخل لهما في بقاء الكلي وعدمه كما لا يخفى.
ثم انه قد يقال: بعدم جريان الاستصحاب فيه لأن العلم بوجود الفرد في الخارج انما يلازم العلم بوجود حصة من الكلي في ضمن الفرد الخاص، لا العلم بوجود الكلي والحصة الموجودة في ضمن الفرد الخاص تغاير الحصة الأخرى في ضمن فرد آخر ولذا قيل نسبة الكلي إلى الافراد نسبة الآباء المتعددة إلى الأبناء، ولا يخفى ان هذا ناش من عدم تعقل الكلي الطبيعي وكيفية وجوده وعدم الوصول إلى مغزى مراد القوم من ان نسبة الكلي إلى الافراد نسبة الآباء، ضرورة ان الكلي الطبيعي لدى المحققين موجود بتمام ذاته مع كل فرد من الافراد، فكل فرد في الخارج بتمام هويته عين الكلي، لا انه حصة منه ولا يعقل الحصص للكلي، فزيد إنسان لا نصف إنسان، أو جزء إنسان، أو حصة منه، فلا معنى للحصة أصلا، وبالجملة هذا الإشكال بمكان من الضعف يغنى تصور الكلي عن رده، والعجب ان بعض أعاظم العصر ادعى البداهة لما اختاره من الحصص للكلي مع كونه ضروري الفساد.
واما ما أفاده المحقق الخراساني رحمه الله من تعدد الطبيعي بتعدد الفرد وان الكلي