فان المحقق الخراساني رحمه الله ذهب في الكفاية إلى دلالة الصدر على الحكم الواقعي ودلالة الغاية على الاستصحاب وفي تعليقته إلى دلالة الصدر على الحكم الواقعي وقاعدة الطهارة والحلية والغاية على الاستصحاب فقال في بيان الأول ما حاصله: ان الصدر ظاهر في بيان حكم الأشياء بعناوينها الأولية لا بما هي مشكوك الحكم، والغاية تدل على استمرار ما حكم على الموضوع واقعا من الطهارة والحلية ظاهرا ما لم يعلم بطرو ضده أو نقيضه، وفي الثاني ان الصدر بعمومه يدل على الحكم الواقعي وبإطلاقه على المشكوك بل يمكن ان يقال: بعمومه يدل على الحكم الواقعي وعلى المشكوك فيه فان بعض الشكوك اللازمة للموضوع داخل في العموم ونحكم في البقية بعدم القول بالفصل والغاية تدل على الاستصحاب كما ذكر.
وفيما أفاده نظر:
اما أولا - فلان الطهارة والحلية الواقعيتين ليستا من الأحكام المجعولة الشرعية، للزوم إمكان كون شيء بحسب الواقع لا طاهرا ولا نجسا، ولا حلالا ولا حراما، لأن النجاسة والحرمة مجعولتان بلا إشكال وكلام، فلو فرض جعل النجاسة والحرمة لأشياء خاصة وجعل الطهارة والحلية لأشياء أخر خاصة يلزم ان تكون الأشياء الغير المتعلقة للجعلين لا طاهرا ولا نجسا ولا حلالا ولا حراما، وهذا واضح البطلان في ارتكاز المتشرعة مضافا إلى ان الأعيان الخارجية على قسمين: أحدهما ما يستقذره العرف والثاني ما لا يستقذره، وانما يستقذر الثاني بملاقاته للأول وتلوثه به، والتطهير عرفا عبارة عن إزالة التلوث بالغسل وإرجاع الشيء إلى حالته الأصلية الغير المستقذرة، لا إيجاد شيء زائد على ذاته فيه يكون طهارة، والظاهر ان نظر الشرع كالعرف في ذلك الا في إلحاق بعض الأمور الغير المستقذرة عرفا بالنجاسات وإخراج بعض المستقذرات عنها، وكذا الحلية لم تكن مجعولة فان الشيء إذا لم يشتمل على المفسدة الأكيدة يكون حلالا وان لم يشتمل على مصلحة، فلا تكون الطهارة والحلية من المجعولات الواقعية.
نعم الطهارة والحلية الظاهريتان مجعولتان، فحينئذ نقول: ان قوله كل شيء حلال أو طاهر لو حمل على الواقعيتين منهما يكون اخبارا عن ذات الأشياء، لا إنشاء الطهارة