أنفقه في معصية الله فلا شئ له على الإمام، قلت: فما لهذا الرجل الذي ائتمنه و هو لا يعلم فيما أنفقه في طاعة الله عز وجل أم في معصيته؟ قال: يسعى له فيما له فيرده عليه وهو صاغر) (1).
ولا يخفى أن الخبر الأول والأخير يستفاد منها اعتبار الصرف في طاعة الله، وقد يكون المال غير مصروف في طاعة الله ولا في معصية الله عز وجل فمع الأخذ بهذه الأخبار وانجبار السند بالعمل لا بد من الأخذ بمضمونها إلا أن يدعى أن المراد من الانفاق في طاعة الله عدم الانفاق في معصيته عز وجل بقرينة ما بعده، وفيه إشكال كما لا مجال لدعوى المعارضة بين الشرطيتين فيرجع إلى عموم الآية الشريفة لأن الظاهر أن شرطية الأولى ضابطة والثانية متفرعة عليها مضافا إلى أن الخبر الأول لم يذكر فيه الشرطية الثانية فلا مانع من الأخذ بها، نعم يمكن الاستدلال لما هو المشهور بالصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج قال:
(سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل عارف فاضل توفي وترك دينا لم يكن بمفسد و لا مسرف ولا معروف بالمسألة هل يقضى عنه من الزكاة الألف والألفان قال:
نعم) (2) إلا أن يقال كما يقيد بصورة عدم وفاء تركته بالدين يقيد بكون الانفاق في طاعة الله، وأما مع الجهل بأن الانفاق في طاعة الله أو في معصيته، قيل: يمنع وقد نسب هذا القول إلى المشهور، وقيل: لا يمنع، وقد نسب إلى الأكثر، و استدل للأول بما في خبر محمد بن سليمان المتقدم من قوله قلت: فما لهذا الرجل إلى أن أجابه عليه السلام (يسعى له فيما له فيرده عليه وهو صاغر) وأجيب بمنع الدلالة حيث أنه بعد ما سمع من الإمام عليه السلام أنه لو كان أنفقه في معصية الله لا شئ له على الإمام عليه السلام تحير في حق صاحب الدين من أنه هل عليه أن يجوز عن حقه بعد العلم بعدم النفقة والدين والمال الغائب فسأل الإمام عليه السلام فأجاب بما أجاب.
وفيه نظر لأن فرض السائل أن صاحب الدين ائتمنه وهو لا يعلم فيما أنفق و