بينه وبين الحج أمر يعذره الله تعالى فيه.
{ولو احتاج في سفره إلى حركة عنيفة للالتحاق أو الفرار لضعف سقط الوجوب في عامه وتوقع المكنة في المستقبل، ولو مات قبل التمكن والحال هذه لم يقض منه}. إن كان السفر حرجيا يسقط معه التكليف فهو معذور لكنه ليس فاقدا لشرائط الوجوب فلو تحمل المشقة لم يبعد الاجتزاء عن حجة الاسلام وعليه فلا يبعد وجوب القضاء إن مات والحال هذه كما أن الظاهر وجوب الاستنابة لو استمر ضعفه حيث تشمله ورواية الحلبي المذكورة وإن قلنا بانصرافها عما لو كانت المشقة في عام واحد غير باقية في غيره ولعله يستفاد من أدلة وجوب الاستنابة اجتماع شرائط أصل الوجوب غاية الأمر عدم اللزوم المباشرة من جهة العذر فيترتب عليه لزوم الاستنابة والقضاء بعد الموت {ويسقط فرض الحج لعدم ما يضطر إليه من الآلات كالقرب وأوعية الزاد} وجهة عدم صدق الاستطاعة حينئذ وينقدح منه أنه لو لزم شرعا صرف الوقت أو المال في واجب شرعي غير مشروط بالقدرة والاستطاعة سقط فرض الحج بمعنى عدم الوجوب لعدم الاستطاعة لأن الممتنع شرعا كالممتنع عقلا. ولعله من هذا الباب ما لو نذر قبل الاستطاعة زيارة الحسين صلوات الله عليه في يوم عرفة كل سنة فبواسطة لزوم الوفاء بالنذر لا يستطيع الخروج إلى مكة.
وقد يقال بانحلال النذر بتقريب أن المقام من باب التزاحم حيث أن القدرة واستطاعة بالنسبة إلى كل من الأمرين موجودة غاية الأمر لا يمكن الجمع فمع أهمية الحج يجب صرف القدرة فيه، وفيه أن القدرة بالنسبة إلى النذر معتبرة عقلا لا شرعا وبالنسبة إلى الحج معتبرة شرعا فمع صرفها في النذر لا يلزم ترك واجب حيث فقد الشرط أعني الاستطاعة ومع صرفه في الحج لزم ترك واجب مقدور مع انحفاظ وجوبه بلا عذر، نعم لو كان المراد من الاستطاعة المعتبرة في الحج خصوص ما ذكر في الأخبار من وجدان الزاد والراحلة وصحة البدن وتخلية السرب والرجوع إلى كفاية على القول باعتباره توجه ما ذكر لكن الظاهر خلافه ألا ترى أن المذكور آنفا في المتن فرض اجتماع جميع ما ذكر