أن ظهور لفظ الصدقة في الصدقة المعهودة أقوى، فإن قلنا إن المستفاد من خبر ابن مروان ثبوت الخمس في المال المختلط كغيره كما هو الظاهر منه بملاحظة العطف يقع المعارضة إن لم يكن إشكال من جهة السند وإن قلنا بالفرق يجمع بين الطرفين بالتخيير لكن الظهور المدعى في خبر السكوني ممنوع خصوصا مع قوله:
(فإن الله قد رضي من الأشياء بالخمس) ومن المعلوم أن خمسا آخر غير الخمس المصطلح لم يعهد من الشارع في شئ فضلا عن الأشياء.
الصورة الثانية ما إذا علم مقدار الحرام ولم يعرف صاحبه فقد صرح غير واحد بأنه يتصدق به واستدل له بجملة من الأخبار منها رواية علي أبي حمزة قال: (كان لي صديق من كتاب بني أمية فقال: استأذن لي على أبي عبد الله عليه السلام فاستأذنت له عليه فأذن له فلما أن دخل سلم وجلس ثم قال: جعلت فداك إني كنت في ديوان هؤلاء القوم فأصبت من دنياهم مالا كثيرا أغمضت في مطالبه فقال أبو عبد الله عليه السلام لولا أن بني أمية وجدوا لهم من يكتب ويجبي لهم الفئ ويقاتل عنهم ويشهد جماعتهم لما سلبوا حقنا ولو تركهم الناس وما في أيديهم ما وجدوا شيئا إلا ما وقع، قال: فقال الفتى: جعلت فداك فهل لي مخرج منه قال: إن قلت لك تفعل؟ قال: أفعل، قال له: فاخرج من جميع ما اكتسبت في ديوانهم فمن عرفت منهم رددت عليه ماله ومن لم تعرف تصدقت به وأنا أضمن لك على الله عز وجل الجنة، وأطرق الفتى طويلا ثم قال له: لقد فعلت جعلت فداك، قال ابن أبي حمزة فرجع الفتى معنا إلى الكوفة فما ترك شيئا على وجه الأرض إلا خرج منه حتى ثيابه التي كانت على بدنه، قال: فقسمت له قسمة واشترينا له ثيابا وبعثنا إليه بنفقة، قال: فما أتي عليه إلا أشهر قلائل حتى مرض فكنا نعوده، قال: فدخلت يوما وهو في السوق (1) قال: ففتح عينه ثم قال: يا علي وفى لي والله صاحبك، قال:
ثم مات فتولينا أمره وخرجت حتى دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فلما نظر إلي قال لي: يا علي وفينا والله لصاحبك، قال: فقلت: جعلت فداك هكذا قال والله