فصل (8) في أن مرتبه وجود الصورة الطبيعية متقدمة على مرتبه وجود الصورة الجسمية قد مضى من الأصول ما يستفاد منه هذا المقصد الا انا نبينه تبيينا آخر فنقول انه من المحال ان يكون الجسم المؤلف من الهيولى والبعد المنبسط في الأطراف مطلقا أمرا قائما بالفعل ثم يلحقه كونه على مقدار خاص وشكل خاص ومكان خاص وعلى امتناع لقبول الخرق والالتيام أو عدم امتناع لهما.
اما على نهج السهولة أو الصعوبة لان مقتضى الجسم بما هو جسم بمعنى انه ليس يوجد فيه الا الهيولى والصورة الامتدادية هو مكان مطلق وشكل عام جنسي ومقدار كذلك وبالجملة مقتضاه من كل صفه امر عام لا وجود له الا في الذهن إذ وجوده كذلك لا يكون الا في العقل كما علمت إذ ما لا ينفك وجوده عن خصوصيات أوصاف متخالفة بالنوع وما يقتضيها من الصور المتخالفة الحقيقة فلا يجوز فرضه قائما بالفعل مجردا عن ما يخصصه بإحدى هذه الصفات ولا سابقا عليها وان لم يكن سبقا زمانيا بل يكون سبقا ما بالطبع وما يضاهيه الا في العقل ومحال وجود ما هذه صفته الا مقترنا بإحدى الخصوصيات لا مجردا عنها ولا متقدما عليها أصلا.
فمحال ان يكون الصورة الطبيعية متأخرة عن الجسمية ولا ان تكونا متكافئتين من غير تقدم وتأخر لأحديهما على الأخرى إذ يلزم منه ان يقوم الهيولى الصورة الجسمية على انفرادها والصورة الطبيعة على انفرادها.
وهذا من المستحيلات لان المادة الواحدة البسيطة لا يجوز ان يقومها الصورتان لان في تقويم إحديهما إياها غنى عن تقويم الأخرى إذا كانتا في درجه واحده كما يستحيل ان يقوم معنى واحد جنسي فصلان منطقيان وليس الحال في الحساس و