الافراد وهذا مثل لوازم المهيات فان مهية المثلث إذا اقتضت تساوى الزوايا لقائمتين لا يقتضي في كل فرد الا تساويا مخصوصا بهذا الفرد دون غيره فالتساوي المطلق مقتضى ذاته وليس شئ من خصوصيات التساوي مقتضاها لذاتها.
فلا يرد حينئذ ان هذا التساوي المخصوص إن كان لازما للطبيعة بالذات فكان يوجد في كل مثلث هذا التساوي لقائمتين ويوجد في هذا المثلث جميع افراد التساوي للقائمين لان الكلام يجرى في كل مثلث ولازمه المعين.
فالحل فيه ان طبيعة المثلث مطلقا لا تقتضي الا مطلق التساوي والطبيعة الخاصة تقتضي التساوي الخاص فالمطلق للمطلق والمقيد للمقيد فكذلك قياس معنى الافتقار إلى المحل للجسمية فان الافتقار إلى المحل المطلق لازم للجسمية المطلقة والافتقار إلى المحل المعين يستلزمه الجسمية المعينة وكما أن نفس الافراد من عوارض الطبيعة كما تقرر عندهم فلوازمها على الوجه الأولى.
فليس لأحد ان يقول كما جاز ان لا يكون افتقار الطبيعة إلى المحل الواحد لذاتها ثم يحصل الافتقار لأجل خصوصية وسبب فليجز مثل ذلك بالقياس إلى المحل مطلقا.
لأنا نقول إذا جردنا الطبيعة الجسمية عن الخصوصيات فإن لم تكن مفتقرة إلى المحل كانت في ذاتها مستغنية القوام عن المواد كلها وما كان بحسب ذاته متحصل القوام بلا تعلق بغيره كان ذلك نحو وجوده الذاتي ونحو الوجود الذاتي لمهية واحده لا يكون متفاوتا فلا يجوز ان يكون نحو وجود المهية المختص بها من حيث هي هي مختلفا بحسب اختلاف الأسباب الخارجة عنها وعن مقوماتها.
نعم هذا انما يجوز في الوجودات العرضية والنسب والإضافات مثلا الافتقار إلى الاكل انما يعرض للانسان لا بسبب أصل البقاء على الانسانية بل بسبب الحرارة المحللة للمواد وقد يزول بزوالها وكذا الاستغناء عن اللباس الذي بالذات لا ينافي عروض الافتقار إليه بسبب برد مفرط لان كونه آكلا ولابسا ليس نحو وجود الانسان المختص به.
وهذا هو الذي يوهم لبعض الناس امكان الواسطة بين الافتقار والغنى الذاتين