وان الشيخ قد صرح بذلك حيث قال إن أحد الضدين في التضاد المشهوري قد يكون عدما للاخر كالسكون للحركة والمرض للصحة لكن قوله هيئة مضاده ربما يشعر بان المرض أيضا وجودي كالصحة ولا خفاء في أن بينهما غاية الخلاف فجاز ان يجعلا ضدين بحسب التحقيق مندرجين تحت جنس واحد هو الكيفية النفسانية واعترض صاحب المباحث بأنهم اتفقوا على أن أجناس الأمراض المفردة ثلاثة سوء المزاج وسوء التركيب وتفرق الاتصال ولا شئ منها بداخل تحت الكيفية النفسانية المسماة بالحال والملكة.
اما سوء المزاج فلانه اما نفس الكيفية الغريبة التي بها خرج المزاج عن الاعتدال على ما يصرح به حيث يقال الحمى حراره كذا وكذا وهي من الكيفيات المحسوسة واما اتصاف البدن بها فهو من مقولة ان ينفعل.
واما سوء التركيب فلانه عبارة عن مقدار أو عدد أو وضع أو شكل أو انسداد مجرى مخل بالافعال وليس شئ منها داخلا تحت الحال والملكة وكذا اتصاف البدن بها وذلك لان المقدار والعدد من الكميات والوضع مقولة برأسها والشكل من الكيفيات المختصة بالكميات والاتصاف من مقولة ان ينفعل.
واما تفرق الاتصال فلانه عدمي لا يدخل تحت مقولة وإذا لم يدخل المرض تحت الحال والملكة لم يدخل الصحة تحتها لكونه ضدا لها هذا حاصل تقريره لا ما ذكره في المواقف من أن سوء المزاج وسوء التركيب وتفرق الاتصال اما من المحسوسات أو الوضع أو عدمه (أو العدم خ ل) فإنه اختصار مخل كما قيل والعذر بأنه لم يعتد بباقي المحتملات لظهور بطلانها ظاهر البطلان لان قولنا سوء التركيب اما مقدار مخل بالافعال أو عدد أو وضع أو انسداد مجرى كذلك ليس بيانا للمحتملات بل للأقسام كما لا يخفى.
واما الجواب عن الاعتراض المذكور ففي غاية السهولة وهو ان تقسيمهم المرض بكذا وكذا فيه مسامحة والمراد منه منشأ المرض اما سوء المزاج أو سوء التركيب أو تفرق الاتصال فالمقصود انه كيفية نفسانية تحصل عند أحد هذه الأمور