انما هما من جنس الملموسات وادراكهما لذة ألم للقوة الحيوانية اللمسية التي لا يخلو منها ومن مدركها حيوان.
ثم بعد هذه الكيفية اللمسية وقوه ادراكها اللمسي في قوام بدن الحيوان الكيفية الذوقية التي بها وبقوة ادراكها ينحفظ بدنه ويبقى إلى غاية نشؤه وكما أن بدنه من جنس الملموسات وكماله منوط بكمالها كذلك من جنس المذوقات التي يغتذي بها فللقوة الذوقية كمال ذوقي وبإزائه لذة ذوقية ولها مناف من هذا الباب ولأجله ألم وبعد هاتين الكيفيتين درجه كمالية من مدركات الشامة لم يحتج إليها أعضائه الكثيفة كثير احتياج في القوام الا انها مما يتغذى بها لطائف أعضائه كالأرواح البخارية فلان الروح كمال الروح فيكون للقوة الشامة باللطيفة التي في الخيشوم لذة في ادراك الروائح الطيبة والم في ادراك الشمائم المنتنة الكريهة وكل هذه الكيفيات الثلاث مما يتصف به البدن الحيواني وأعضائه.
واما مدركات الباصرة والسامعة فالحيوان بما هو حيوان غير متحصل القوام منها ولا شئ من أعضائه متقوم بالنور أو الصوت لان كيفية الضوء من الهيئات البعيدة عن أعماق الجسم بما هو جسم فضلا عن الحيوان لأنه جسم كثيف ظلماني وانما يعرض الضوء واللون التابع له لسطوحه وأطرافه الخارجة عن حقيقة الجوهر ومهيته.
وكذا الصوت الذي هو أبعد الاعراض عن حقيقة جسم ذي الصوت فليس الجسم الحيواني ولا عضو من أعضائه ذا كيفية مبصرة أو مسموعة حتى يكون حصول شئ منهما كمالا له فيكون ادراكه ادراك الكمال المناسب لذلك العضو فيكون لذة وادراك ضده ادراكا للمنافي نعم ادراك المبصرات النورية لذة وكمال للقوة النفسانية الباصرة لا للعين وادراك الأصوات الحسنة لذة وملائم للقوة النفسانية السمعية لا للاذن فالملائم والمنافي لهذين العضوين غير الملائم والمنافي لهاتين القوتين بخلاف الملائم والمنافي للقوى الثلاثة الشمية والذوقية واللمسية فإنهما بينهما ملائم ومناف للأعضاء.
وبالجملة الحيوان بما هو حيوان من جنس الملموس والمطعوم والمشموم وليس