فيجب ان يكون لذة السمع والبصر بادراك المسموع والمبصر كما أن لذة الثلاث البواقي بادراك محسوساتها من غير فرق.
واما ثانيا فلان الفرق الذي ذكره من أن ادراك النفس للمحسوسين الأولين لا يكون حيث ينفعل الاله وادراكها للمحسوسات الثلاثة الباقية يكون حيث ينفعل الاله على تقدير تسليمه لا مدخل له في الفرق بين الموضعين في اثبات اللذة لبعض الحواس وعدمها للبعض الاخر فان كلام الشيخ ناص في وجود اللذة وعدمها للاثنين وكون محل الادراك غير موضع الانفعال في بعضها وعينه في بعض آخر لو فرض تسليمه وصحته فأي مدخلية لهما في كون أحدهما منشأ لذة الحواس دون النفس والثاني منشأ لذة النفس دون الحواس.
واما ثالثا فلان ادراك الحواس ليس الا تكيفها بصور محسوساتها وهو قد اعترف بان آلتي السمع والبصر قد تكيفا بمحسوسيهما ولا شبهة في أن التكيف بصوره المدرك الملائم إذا كان ادراكا كان لذة لا محاله لأنه ادراك الكمال وادراك كل كمال لشئ كان لذة لذلك الشئ به فيلزم من ذلك أن يكون ادراكهما لمحسوسيهما الذي هو تكيفهما بكيفيتي ذينك المحسوسين لذة لهما فما السبب فيما حكم بان السمع والبصر لا يلتذان بالمسموع والمبصر من حيث يسمع ويبصر بخلاف البواقي.
فان قال السبب ان النفس تدرك لذة هذه الثلاث من حيث يتكيف الاله ولا يدرك لذة الآخرين حيث يتكيف الاله.
قلنا لا نسلم ذلك وعلى فرض تسليمه لا يوجب هذا الفرق فرقا في اللذة وعدمها فان حيث وحيث لا مدخل له فيما نحن بصدده إذ اللذة تابع الادراك فالادراك إن كان للنفس كانت اللذة لها وإن كان للحس كانت اللذة له.
واما رابعا فلان منعه لكون الملائم لقوه الباصرة ادراك المبصرات غير وارد فان الملائم لكل قوة ادراك ما يناسبها ولا شبهة في أن اللون والضوء كمال للمشف