الخاص بها وتكيفها بذلك المحسوس الا ان انفعال بعض آلات الحواس وتكيفها بمحسوسها يكون بحيث ان النفس يدركها حيث ينفعل الآلات عن محسوساتها كالذائقة والشامة واللامسة.
ومنها ما لا يكون كذلك كالباصرة والسامعة ولهذا فان الانسان يدرك لذة الحلو في الفم ولذة الرائحة الطيبة في الشم ولذة النعومة في آله اللمس ولا يدرك لذة الصور الحسنة في الجليدية ولا في ملتقى العصبتين ولا لذة الصوت في العصبة المستفرشة وان كانت آلتا السمع والبصر يتكيفان بالكيفيات المسموعة والمبصرة لا لما قيل إن انفعال بعض آلات الحواس وتكيفها بمحسوسها زماني وانفعال آلات البعض آني فالأول كاللامسة والذائقة والشامة واما الثاني فكالسامعة والباصرة اللهم الا على طريق الندرة كما إذا نظرنا إلى ضوء قوى أو خضرة شديده وحدقنا النظر فيه ثم حولناه إلى غيره فيبقى الضوء والخضرة في الجليدية وكذا في آله السمع قد يبقى تكيفها زمانا يسيرا كما يقال الصوت بعد في اذني.
فمراد الشيخ ان آله الثلاث الأول تنفعل عن محسوسها زمانا له قدر بحيث يدركها النفس وتلتذ أو تتألم وآله الأخيرين لا تنفعل عن محسوسها ولا يتكيف بها زمانا له قدر بحيث يدركه النفس فتلتذ أو تتألم.
هذا ما قالوه وهو كلام رخو سخيف لاشتراك الحواس في كون ادراكها آنيا واما ان بعضها آني وبعضها زماني فغير مسلم فمن ادعاه فلا بد من دليل.
ثم إن الشيخ لم يذهب إلى أن آلتي السمع والبصر لا يتكيفان بمحسوسها بل يتكيفان به كتكيف الثلاث البواقي بمحسوساتها الا ان السمع والبصر لا يلتذان بالمسموعات والمبصرات من حيث يسمع ويبصر بخلاف البواقي فان الذائقة تلتذ من حيث تذوق والشامة من حيث تشم واللامسة من حيث تلمس والسبب فيه ما ذكرنا من أن النفس تدرك لذة الثلاث من حيث يتكيف آلاتها بمحسوساتها ولا يدرك لذة الأخيرين حيث يتكيف آلتاهما بمحسوسيهما.