الرابع ان تفرق الاتصال لو كان مؤلما لكان الجراحة العظيمة أشد ايلاما من لسعه العقرب لكون التفرق في الجراحة أكثر.
والجواب اما عن الأول فبان الانفصال ونظائره من الأمور التي تحدث في المواد القابلة عقيب استعداداتها بأسباب وشرائط ليست اعداما صرفه لاحظ لها من الوجود بل لها قسط من الوجود ولمهياتها تحصل في الخارج كسائر المهيات الضعيفة الوجود ووجودها عبارة عن كون موضوعاتها بحيث ينتزع منها عنواناتها ومفهوماتها السلبية من جهة اقتران تلك الموضوعات بنقائص وقصورات واستصحابها إياها لا لذواتها فهي من العوارض لا من الذاتيات فهي بأنفسها من الشرور (1) بالذات وكذا العلم بها لان كل علم متحد مع المعلوم به ولأجل ذلك صح عد الألم من الشرور بالذات.
ومن هيهنا يندفع الشبهة التي أوردها بعض المتأخرين على الحكماء حيث حكموا بأن الشرور بالذات هي الاعدام لا غير مع انا نعلم بالضرورة ان الألم وهو ادراك المنافى شر بالذات والادراك امر وجودي وذلك لان الادراك للشئ هو بعينه وجود ذلك الشئ ان ذهنا فذهنا وان خارجا فخارجا فكما ان وجود الانسان هو عين معنى الانسان في الخارج وكذلك وجودات الاعدام في الخارج كالتفرق والعمى والصمم والجهل هي نفس تلك الاعدام فكذا ادراكات تلك الاعدام أعني حضورها للقوة المدركة فهذا الحضور والادراك من افراد العدم بالذات ولهذا يكون الألم شرابا لذات وإن كان من افراد الوجود.
والحاصل ان حقيقة الوجود في هذه الأمور العدمية التي هي اعدام الملكات هي بعينها حيثية العدم في الخارج كسائر الوجودات مع مهياتها في الخارج وكذا حكم شرية الآلام التي هي بعينها حضورها للمشاعر وخيريتها في كونهما متحدتين بالذات متغايرتين بحسب المفهوم كالمهية والوجود فافهم ذلك واغتنم به فإنه كسائر نظائره