لكان كمالا لها لكن لما كان وجودها للبرودة يوجب زوال وجودها الذاتي الذي كان لها فيكون عائدا إليها بالعدم لذاتها وكل صفه يكون وجودها لشئ ء مستلزما لعدم ذات ذلك الشئ لم يكن كمالا له بل شر وآفة لكن لا بما هو وجود بل بما هو معدم لوجوده فالشر بالذات هو العدم.
فكل علم بما هو غير مضاد لوجود العالم به فهو خير له وذلك الخير لا محاله لذة لما مر ان الوجود خير سواء أدرك أو لم يدرك لكن متى كان ذلك الخير نفس الادراك كان ادراكا هو محض الخير كان لذة وبهجه إذ كل أحد يعلم أنه إذا كان لشئ كمال وقوه كما يتصور في حقه من الوجود وكان مدركا لذلك الكمال الشديد بلا آفة كان ملتذا ومتى لم يكن له شعور بذلك الكمال لم يكن له لذة فاللذة اذن عين الشعور بالكمال.
وقولنا ومتى لم يكن له شعور بكماله لم يكن له لذة ليس غرضنا اثبات هذا الحكم بالدوران بل ندعي بعد ما قدمنا من المقدمات ان الوجود خير وادراك حصول الخير للمدرك خير آخر لذلك المدرك وكل ادراك يكون ذلك الادراك بعينه خيرا وبهاء للمدرك أو لبعض قواه واجزائه فهو عين اللذة والبهجة له لذاته أو لأجل بعض قواه ولذلك إذا حصل للشئ امر وجودي يؤدى إلى زواله أو زوال شئ من كماله أو كمال قواه وكان ذلك الامر صوره ادراكية له فادراكه عين وجود ذلك المزيل المضاد وكل وجود مزيل مضاد لشئ إذا حصل كان ضارا له والادراك الضار بالشئ ألم له لا محاله ولو لم يكن ذلك الضار ادراكا لم يكن بعينه ألما كما إذا فرق بين اجزاء جسم وزالت وحدته الاتصالية كان ذلك شرا وخيرا له وليس بألم.
وأما إذا وقع تفرق اتصال في العضو اللامس وحصلت في الحس صورته كانت صوره التفرق منافيه لصورة الكمال الذي هو الاتصال وكانت تلك الصورة الادراكية عين التفرق كانت بعينها شرا وألما.
واعلم أن صوره التفرق غير نفس التفرق بوجه وعينه بوجه إذ لو كانت نفس التفرق