في كل نقرة نقرة بل ربما يتبلد في فعله إذا روى لان مبدأ فعله هذا بعد احكام الملكة ليس رويه بل شئ نسبته إلى الروية كنسبة الطبيعة إلى الفكر والطبيعة شئ مخالف للروية وان لم يكن يخالف العلم في كثير من الطبايع كالطبائع الفلكية إذ طبيعتها عين العلم والشعور بلا رويه والخلق كأنه شئ متوسط بين الطبيعة وهذه الإرادة الفكرية وكأنه امر حاصل عقيب تعمل واكتساب فليس للأفلاك والمبادئ خلق بل مبادئ أفاعيلها كلها طبيعة أو عقل وليس الخلق أيضا يلزمه المبدئية للفعل بل كونه بحيث إذا أريد الفعل يصدر بلا صعوبة وروية وكذلك ملكه العلم للعالم ليس ان يحضر المعلومات بل إن يكون مقتدرا على احضار معلوماته من غير رويه.
واعلم أن كل حال وملكه فهو صفة وجودية لا محاله وكل صفة وجودية فهي من حيث إنها صفة وجودية كمال سواء سميت فضيلة في العرف أو الاصطلاح أو الشرع أو رذيلة لكن بعض تلك الصفات مما يوجب زوال كمالات أخرى مخصوصة بنفوس شريفة وبعضها ليست كذلك بل يزيد بها تلك النفوس شرفا وبهاء فهذه هي الفضائل للقوة العاقلة التي للانسان وأضدادها هي الرذائل لها وما من رذيلة للنفوس الانسانية كالشره والفجور والتهور والجربزة الا وهي فضيلة لبعض النفوس السافلة فان افراط الشهوة كمال للبهائم رذيلة للانسان لمكان نفسه الناطقة.
واعلم أن الحكمة بمعنى ادراك الكليات والعقليات الثابتة الوجود كمال للانسان بما هو انسان كلما زاد كان أفضل.
واما غيرها من الملكات فلها طرفا افراط وتفريط ومتوسط بينهما والفضيلة في المتوسط لا في الطرفين.
اما الافراط فلان حصولها ضار لغيرها أعني ملكه العلم الذي هو أصل الفضائل واما تفريطها فلان عدمها بالكلية أو نقصانها المفرط يوجب فقد ما يتوقف عليها من تحصيل الخير الباقي وهو الكمال العقلي.
واعلم أن رؤوس الفضائل النفسانية والأخلاق الانسانية التي هي مبادئ الأعمال