لم يكن ألما إذ لا ألم للهيولي ولا للعدم ولو لم يكن صورة مساوية له في المعنى (1) لم يكن منافيا للاتصال الذي هو الكمال ولا أيضا علما بل معلوما والمعلوم الخارج عن المدرك لا يكون ألما له ولا لذة لان ما خرج عن الشئ ليس كمالا له ولا ضد كمال له.
وبالجملة فاللذة كمال خاص بالمدرك بما هو ادراك لذلك الكمال والألم ضد كمال خاص بالمدرك بما هو ادراك لذلك الضد.
فثبت بالبرهان ان اللذة نفس الادراك بالملائم والألم نفس الادراك بالمنافي.
واما استدلاله على أن الألم غير الادراك بالمنافي بان سوء المزاج الرطب غير مؤلم مع أنه مناف.
فجوابه بعد تسليم انه غير مؤلم انا لا نسلم ان ادراكه حاصل لما هو مناف له فان الألم ادراك المنافى لذلك المدرك لا لغيره ففي الانسان قوى متعددة ربما كان منافي بعضها مدركا للاخر من غير أن يكون منافيا له ومدرك بعضها منافيا للاخر من غير أن يكون مدركا له فلم يحصل فيه ألم ولأن سوء المزاج البارد مما يوجب زوال الحس اللمسي وإذا لم يكن حس لم يكن ألم له وإن كان مدركا لحس آخر مما لم يكن منافيا له كالتخيل أو التعقل فان تخيل سوء المزاج وتعقله ليس مؤلما للخيال والعقل بل انما المؤلم هو الادراك الذي لحامل ذلك المزاج أعني القوة اللمسية التي له ان كانت موجودة غير متبلدة ولا متخدرة كما في نحو الفالج وغيره فصاحب الفالج ليس متألما ذا وجع لعدم الحس اللمسي الذي له هذه الآفة.
وبما ذكرنا ظهر اندفاع اشكال آخر وهو ان المريض قد يلتذ بالحلاوة وهي مما لا يلائمه بل يمرضه ويتنفر عن الأدوية وهي مما يلائمه وينفعه فدل على أن اللذة