التركيب بعينه. فماذا يمتاز ذلك الحي عن الجماد؟ فإن قلت بتركيبه الخاص قلنا هذا التركيب الجسماني الخاص بعينه كان يشارك به الجماد ويمتاز به عن الأحياء فكيف تعكس الأمر وتتناقض. وإن قلت يمتاز بشئ جديد غير الجسم وتركيبه فقد أبطلت وهمك ورجعت إلى صواب المتكلمين.
ألا وإن من مثال ما ذكرنا ومصداقه هو دود القز، تراه حيوانا يأكل وينسج ثم يخنقه نسيجه فتفارقه مظاهر الحياة وتقترن به مظاهر الموت ومنها فساد التركيب وتمشيه إلى الفناء ويزداد هذا الفساد وعند ذلك فجأة يعود حيوانا يمتاز عن الجماد بمائز لم يكن قبل ثم يأخذ بالنشاط في نموه وصلاح تركيبه ورجوعه إلى غضارة الأحياء وقوة الحياة وأعمال النفس.
رمزي: إذا كانت الروح شيئا سوى تركيب هذا الجسد فلماذا يختل إدراكها وتعقلها باختلال الجسد كما يشاهد في مرض الحمى ومرض الدماغ وكون الجسد آلة لها في جميع الأحوال أمر غير مفهوم فلا يحسن الجواب بمثله.
عمانوئيل: ها هي النفس وأعمالها تثبت مزيتها وأنها شئ سوى الجسد وسوى تركيبه كما أشرنا إليه.
والذي يختل باختلال الجسد إنما هي أعمالها الآلية. نعم لا تظهر: أعمالها الاستقلالية إلا إذا ظهرت آثارها على الجسد لأن المعقولات لا تدركها الحواس وإنما تدرك آثارها ومظاهرها على الأجسام فإنك لا تشعر بمعقولات غيرك إلا أن تتجلى مظاهرها على الجسمانيات المحسوسة.
أما أنك إن تكن لا تفهم كون الجسد آلة للنفس فلا يكون في ذلك نقص على الحقائق ولا ينسب إليها من ذلك قصور أو تقصير وماذا يكون إذا ناديت في أيامك بأعلى صوتك. ليس مدير السيارة إلا تركيبها ها هو السير على حسب المقاصد يختل باختلال السيارة. كون السيارة آلة