فهداية الله تعالى تصل إلى الإنسان عن طريق الأسباب والوسائل التي جعلها الله سبحانه طريقا لها وإلى هذا الأصل القويم يشير الإمام الصادق (عليه السلام) في كلامه ويقول: " أبى الله أن تجري الأشياء إلا بأسباب فجعل لكل شئ سببا، وجعل لكل سبب شرحا " (1).
فعلى ضوء هذا الأساس فالعالم المعنوي يكون على غرار العالم المادي فللأسباب سيادة وتأثير بإذنه سبحانه، وقد شاء الله أن يكون لها دور في كلتا النشأتين، فلا ضير على من يطلب رضا الله أن يتمسك بالوسيلة، قال الله سبحانه:
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون} (2).
فالله سبحانه حثنا للتقرب إليه على التمسك بالوسائل وابتغائها، والآية دعوة عامة لا تختص بسبب دون سبب، بل تأمر بالتمسك بكل وسيلة توجب التقرب إليه سبحانه، وعندئذ يجب علينا التتبع في الكتاب والسنة، حتى نقف على الوسائل المقربة إليه سبحانه، وهذا مما لا يعلم إلا من جانب الوحي، والتنصيص عليه في الشريعة، ولولا ورود النص لكان تسمية شئ بأنه سبب للتقرب، بدعة في الدين، لأنه من قبيل إدخال ما ليس من الدين في الدين.
ونحن إذا رجعنا إلى الشريعة نقف على نوعين من الأسباب المقربة إلى الله سبحانه:
النوع الأول: الفرائض والنوافل التي ندب إليها الكتاب والسنة، ومنها التقوى، والجهاد الواردان في الآية، وإليه يشير علي أمير المؤمنين (عليه السلام) ويقول: " إن أفضل ما توسل به المتوسلون إلى الله سبحانه وتعالى، الإيمان به، وبرسوله،