وأخرى يرد الصلة بين الدارين، وثالثة يجحد انتفاع البرزخيين بأعمال إخوانهم المؤمنين، كل ذلك في قوالب شبه ضئيلة نمقته الأهواء والتقليد الأعمى ولا يقام له في سوق الاعتبار وزن ولا في مبوأ الحق مقيل، " فظن خيرا ولا تسأل عن الخبر " وإليك تلكم الشبهات مع أجوبتها:
الشبهة الأولى إن الحياة البرزخية حياة لا يعلمها إلا الله، فهي حياة مستقلة نؤمن بها ولا نعلم ماهيتها، وإن بين الأحياء والأموات حاجزا يمنع الاتصال فيما بينهم، وعلى هذا فيستحيل الاتصال بينهم لا ذاتا ولا صفات، والله سبحانه يقول: {ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون} (1).
الجواب: هذه العبارة تتضمن أمرين قد خلط الكاتب بينهما:
أ - إن الحياة البرزخية لا نعلم حقيقتها.
ب - إن البرزخ حاجز مانع عن الاتصال.
فعلى هامش الأمر الأول نقول: إن حقيقة الحياة مطلقا - مادية كانت أم برزخية - أمر مجهول لا يعلمها إلا خالقها، والذي يعود إلى إمكاننا هو التعرف على آثارها وخصوصياتها، فكما أن الحياة المادية معلومة لنا ببعض آثارها، وكلما يتقدم العلم يتقدم الإنسان في ميادين التعرف على آثارها، فهكذا الحياة البرزخية فهي مجهولة الحقيقة ولكنها معلومة بآثارها، وقد ذكر الكتاب العزيز بعضها، وأن الشهداء الأحياء بحياتهم البرزخية يرزقون، يفرحون بما آتاهم الله، يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم، ويستبشرون بنعمة من الله، وأنهم ربما يتمنون أمورا كتمني