بدأها يوم الاثنين في التاسع عشر من شهر شوال سنة 578 ه، وختمها في يوم الخميس الثاني والعشرين من شهر محرم سنة 581 ه، وقد وصف في هذه الرحلة ما مر به من مدن وما شاهد من عجائب البلدان.
كما وعنى عناية خاصة بوصف النواحي الدينية والمساجد والمشاهد وقبور الأنبياء والأولياء وأهل البيت والصحابة والتابعين، وصفا دقيقا، يعرب عن أن هذه القباب والأبنية الرفيعة شيدت من قبل قرون تتصل إلى عصر الصحابة والتابعين.
ولم يكن يومذاك أي معترض على بنائها فوق قبور هؤلاء، ولم يدر بخلد أحد أن هذه القباب والأبنية ستبعدنا عن التوحيد، بل كانوا يتبركون بهذا العمل ويبدون ما في مشاعرهم من ود وحب لأصحابها.
وكان التبرك والتقبيل سنة رائجة بين المسلمين، وهم لم يكونوا يقبلون بابا ويتبركون بجدار، بل يتبركون بمن حوتهم، على حد قول مجنون بني عامر:
أمر على الديار ديار ليلى * أقبل ذا الجدار وذا الجدارا وما حب الديار شغفن قلبي * ولكن حب من سكن الديارا وفيما يلي نشير بشكل مقتضب إلى مجمل كلامه:
مشهد رأس الحسين بالقاهرة:
يقول ابن جبير في ذكر مصر والقاهرة وبعض آثارها العجيبة: فأول ما نبدأ بذكره منها الآثار والمشاهد المباركة التي ببركتها يمسكها الله عز وجل، فمن ذلك المشهد العظيم الشأن الذي بمدينة القاهرة حيث رأس الحسين بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهما، وهو في تابوت فضة مدفون تحت الأرض قد بني عليه بنيان حفيل يقصر الوصف عنه ولا يحيط الإدراك به....