قال القوم الذين غلبوا على أمر أصحاب الكهف: {لنتخذن عليهم مسجدا}.
وقد نقل عن عبد الله بن عبيد بن عمير: فقال المشركون: نبني عليهم بنيانا، فإنهم أبناء آبائنا ونعبد الله فيها، وقال المسلمون: نحن أحق بهم، هم منا، نبني عليهم مسجدا نصلي ونعبد الله فيه (1).
الرأي المسبق يضرب عرض الجدار إن الشيخ الألباني ربيب الوهابية ومروجها، لما رأى دلالة الآية على أن المسلمين حاولوا أن يبنوا مسجدا على قبورهم، وكان ذلك على طرف الخلاف من عقيدته، حاول تحريف الكلم وقال: إن المراد من الغالبين هم أهل السلطة، ولا دليل على حجية فعلهم! ولكنه عزب عن رأيه أن البيئة قد انقلبت عن الشرك إلى التوحيد ومن الكفر إلى الإسلام حسبما نقله الطبري، وليس القائل ببناء المسجد على بابهم الملك، وإنما القائل هم الذين توافدوا على باب الكهف عندما أعثرهم سبحانه على أحوالهم، وطبع الحال يقتضي توافد الأكثرية الساحقة القاطنين في المدينة على باب الكهف لا خصوص الملك، ولا وزراؤه، بل الموحدون بأجمعهم، وهو في هذه النسبة عيال على ابن كثير حيث قال: والظاهر أنهم أصحاب النفوذ (2).
نحن نفترض أنهم أصحاب النفوذ، إلا أنهم نظروا إلى الموضوع من خلال منظار دينهم ومقتضى مذهبهم لا مقتضى سلطتهم.
تقرير القرآن على صحة كلا الاقتراحين إن الذكر الحكيم يذكر كلا الاقتراحين من دون أي نقد ورد، وليس صحيحا