وهذا التعريف يشترك مع سابقه نقدا وإشكالا، وذلك أن العبادة ليست منحصرة في خضوع لا يحد بل الخضوع المحدد أيضا ربما يعد عبادة، كما إذا كان الخضوع بأقل مراتبه. وكذلك لا يشترط كون الخضوع لعظمة لا تحد، إذ ربما تكون عظمة المعبود محدودة في زعم العابد كما هو الحال في عبادة الأصنام، الذي كان الدافع إلى عبادتها كونها شفعاء عند الله.
3 - تعريف ابن تيمية وأكثر التعاريف عرضة للإشكال هو تعريف ابن تيمية إذ قال:
" العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنية والظاهرية كالصلاة والزكاة والصيام، والحج، وصدق الحديث وأداء الأمانة، وبر الوالدين وصلة الأرحام " (1).
وهذا الكاتب لم يفرق - في الحقيقة - بين العبادة والتقرب، وتصور أن كل عمل يوجب القربى إلى الله، فهو عبادة له تعالى أيضا، في حين أن الأمر ليس كذلك، فهناك أمور توجب رضا الله، وتستوجب ثوابه لكنها قد تكون عبادة كالصوم والصلاة والحج، وقد تكون موجبة للقرب إليه دون أن تعد عبادة، كالإحسان إلى الوالدين، وإعطاء الزكاة، والخمس، فكل هذه الأمور (الأخيرة) توجب القربى إلى الله في حين لا تكون عبادة. وإن سميت في مصطلح أهل الحديث عبادة، فيراد منها كونها نظير العبادة في ترتب الثواب عليها.
وبعبارة أخرى: أن الإتيان بهذه الأعمال يعد طاعة لله ولكن ليس طاعة عبادة.
وإن شئت قلت: إن هناك أمورا عبادية، وأمورا قربية، وكل عبادة