المؤمنون بالغيب من غيرهم.
ويجب أن يعلم أن النار التي في القبر والنعيم ليس من جنس نار الدنيا ولا نعيمها، وإن كان الله تعالى يحمي عليه التراب والحجارة التي فوقه وتحته حتى يكون أعظم حرا من جمر الدنيا، ولو مسها أهل الدنيا لم يحسوا بها.
والأعجب من هذا أن الرجلين يدفن أحدهما إلى جنب صاحبه، وهذا في حفرة من النار، وهذا في روضة من رياض الجنة، لا يصل من هذا إلى جاره شئ من حر ناره، ولا من هذا إلى جاره بشئ من نعيمه، وقدرة الله أوسع من ذلك وأعجب (1).
وقال الرازي في تفسير قوله: {ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم} والقوم الذين لم يلحقوا بهم لا بد وأن يكونوا في الدنيا، فاستبشارهم بمن يكون في الدنيا لا بد وأن يكون قبل قيام القيامة، والاستبشار لا بد وأن يكون مع الحياة، فدل هذا على كونهم أحياء قبل يوم القيامة (2).
8 - ابن تيمية:
قال: الأحاديث الصحيحة المتواترة تدل على عود الروح إلى البدن وقت السؤال، وسؤال البدن بلا روح قول قاله طائفة من الناس، وأنكره الجمهور، قابلهم آخرون بأن السؤال للروح بلا بدن، وهذا ما قاله ابن مرة وابن حزم، وكلاهما غلط، والأحاديث الصحيحة ترده، ولو كان ذلك على الروح فقط لم يكن للقبر بالروح اختصاص (3).