تكن للميت مقدرة على الإجابة يكون العمل لغوا لا شركا، وليست الحياة والموت حدا للتوحيد والشرك حتى يكون خطاب الحي عين التوحيد، وخطاب الميت نفس الشرك.
على أنا قد ذكرنا استفاضة الأثر على أن الصحابة كانوا يستغيثون بنبيهم، نبي الرحمة وقد ذكر موارده فلاحظ (1).
الشبهة الثالثة: إن الزيارة تؤدي إلى الشرك هذه آخر ما في كنانة الرجل من سهام مرشوقة وقد استدل عليه بما لا يمت إلى مدعاه بصلة، قال: إن من أصول الشرك اتخاذ القبور مساجد كما قال بعض السلف في قوله تعالى: {وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا} (2) قالوا: كان هؤلاء قوما صالحين فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم صوروا على صورهم تماثيل، ثم طال عليهم الأمد فعبدوها.
يلاحظ عليه:
أن محور البحث هو الزيارة على ما جرت عليه سيرة السلف والخلف، ولم تؤد طوال القرون الأربعة إلى الشرك، ولم تكن عكوفا على القبور، ولا بتصوير تماثيلهم وعبادتهم مكان عبادة الله، فأي صلة لهذا الكلام بمدعاه من تحريم الزيارة.
إن زيارة قبر نبي التوحيد ورسوله، دعم للمبدأ الذي جاء به، وتأكيد لصحة رسالته التي كانت في طريق تحطيم الوثنية وعبادة الأنداد والأمثال المزعومة، فكيف تقع مثلها ذريعة إلى الشرك يا ترى؟!