" كان عمرو بن لحي " أول من أدخل الوثنية إلى مكة ونواحيها، فقد رأى في سفره إلى البلقاء من أراضي الشام أناسا يعبدون الأوثان وعندما سألهم عما يفعلون قائلا:
ما هذه الأصنام التي أراكم تعبدونها؟
قالوا: هذه أصنام نعبدها فنستمطرها فتمطرنا، ونستنصرها فتنصرنا!
فقال لهم: أفلا تعطوني منها فأسير به إلى أرض العرب فيعبدونه؟
وهكذا استحسن طريقتهم واستصحب معه إلى مكة صنما كبيرا باسم " هبل " ووضعه على سطح الكعبة المشرفة، ودعا الناس إلى عبادتها (1).
إذن فاستمطار المطر من هذه الأوثان والاستعانة بها يكشف عن أن بعض المشركين كانوا يعتقدون بأن لهذه الأوثان دخلا في تدبير شؤون الكون وحياة الإنسان.
نتيجة البحث إذا عرفنا أن مقوم العبادة عبارة عن اعتقاد السائل والخاضع والداعي أو المنادي بأن المسؤول والمخضوع له " إله " و " رب " يملك شيئا مما يرجع إليه في عاجله أو آجله، في مسيره ومصيره، وإنه يقوم بذلك لكونه خالقا أو مفوضا إليه من قبل الخالق، فيقوم على وجه الاستقلال والأصالة، تستطيع أن تقضي في الأعمال التي يقوم بها أشياع الأنبياء ومحبوهم، بأنها ليست عبادة أبدا وإنما هي من مصاديق التكريم والاحترام وإن بلغت نهاية التذلل، لأنها لا تنطلق من اعتقاد الخاضع بألوهية النبي، ولا ربوبيته بل تنطلق عن الاعتقاد بكونهم عباد الله الصالحين، وعباده المكرمين الذين لا يعصون الله وهم بأمره يعملون، نظير: