تمهيد:
الإسلام دين الفطرة عندما نقول إن الإسلام دين الفطرة فهذا لا يعني أن كل حكم جزئي منه يوافقها، بل يعني أن الأصول الكلية في مجالي العقائد والشريعة، تنسجم مع الفطرة وتوحي إليها بشكل واضح، ولذلك كانت تعاليم الأنبياء، وفي مقدمتهم الشريعة الإسلامية، تثير مكنون الفطرة، لذا فهم قبل أن يكونوا معلمين كانوا مذكرين بما أودع الله سبحانه في فطرة الإنسان من ميول نحو العبودية لله سبحانه، والانشداد إلى ما وراء الطبيعة، والجنوح إلى العدل ومكارم الأخلاق، والنفور عن الظلم ومساوئ العادات. فكأن الفطرة أول مدرسة يتعلم فيها الإنسان أصول المعارف ومكارم الأخلاق وآدابها، من دون معلم، وهذا لطف وامتنان منه سبحانه لعباده ويعد الحجر الأساس لسائر الهدايات الإلهية الواصلة إليهم عن طريق أنبيائه ورسله.
وإلى ذلك يشير قوله سبحانه: {فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون} (1) فإن المراد من الدين في الآية مجموع العقيدة والشريعة، كما فسره به