3 - حب الاستطلاع إلى ما هو دونه إن حب الاستطلاع من نعم الله سبحانه، إذ في ظله يقف الإنسان على مجاهيله ويكتشف معلومات تهمه في حياته، ولولا ذلك الحب لكان الإنسان اليوم في أوليات حياته في العلم والمعرفة، قال سبحانه: {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون} (1) ومع اشتراك الكل في تلك النعمة المعنوية إلا أن الطاقات الكامنة لدى الإنسان تختلف من واحد إلى آخر، فليس لكل إنسان قابلية التطلع إلى كل شئ واستعراض جميع المجاهيل، ولهذا ربما أدى ذلك العمل إلى الزلة في الفكر والمعتقد، ولذلك ترى عليا (عليه السلام) ينهى عن الغور في القدر فيقول: " طريق مظلم فلا تسلكوه، وبحر عميق فلا تلجوه، وسر الله فلا تتكلفوه " (2). ولكن الإمام نفسه تكلم في مواضيع أخر عن القضاء والقدر حينما كان يجد إنسانا قادرا على درك المفاهيم الغامضة.
إن القرون الثلاثة الأول، كانت قرون ظهور المذاهب الكلامية والفقهية، وكانت الأمصار وحواضرها الكبرى ميدانا لمطارحات الفرق المختلفة، وقد ظهرت في تلك القرون أكثر المذاهب والفرق، مع أن الحق في طرف واحد، فلو أنهم توحدوا في العقائد، لما أدى بهم الأمر إلى شق العصى وإيجاد الفرقة، وبالتالي ذهاب الوحدة الإسلامية في مهب الريح ضحية البحوث الكلامية والفقهية وغير ذلك.
كان للخوض في الآيات المتشابهات دور كبير في ظهور البدع في الصفات الخبرية، وفي تفسير اليد والرجل والوجه لله سبحانه الواردة في الكتاب والسنة،