فأدخلوا نارا} (1)، والفاء للتعقيب، وكقوله تعالى: {ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين} (2)، وإحدى الحياتين ليست إلا في القبر، ولا يكون إلا نموذج ثواب أو عقاب بالاتفاق، وكقوله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله} (3).
والأحاديث المتواترة المعنى كقوله (صلى الله عليه وآله): " القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران " وكما روي أنه مر بقبرين، فقال: " إنهما ليعذبان.. " (4)، وكالحديث المعروف في الملكين اللذين يدخلان القبر ومعهما مرزبتان، فيسألان الميت عن ربه وعن دينه وعن نبيه.. إلى غير ذلك من الأخبار والآثار المسطورة في الكتب المشهورة، وقد تواتر عن النبي (صلى الله عليه وآله) استعاذته من عذاب القبر، واستفاض ذلك في الأدعية المأثورة (5).
10 - الشريف الجرجاني:
قال: إحياء الموتى في قبورهم، مسألة منكر ونكير، وعذاب القبر للكافر والفاسق كلها حق عندنا، اتفق عليه سلف الأمة قبل ظهور الخلاف، واتفق عليه (الأكثر بعده) أي بعد ظهور الخلاف، (وأنكره) مطلقا " ضرار بن عمرو وبشر المريسي وأكثر المتأخرين من المعتزلة "، وأنكر الجبائي وابنه والبلخي تسمية الملكين منكرا ونكيرا وقالوا: إنما المنكر ما يصدر من الكافر عند تلجلجه إذا سئل، والنكير إنما هو تفريع الملكين له.