إجابة عن سؤال إن من يمنع التوسل بشخصية الرسول المثالية لما وقع أمام هذا الحديث تعجب عاضا على أنملته، فحمل الحديث على أنه من قبيل التوسل بدعاء الرسول لا بشخصه وذاته الكريمة مستدلا بقول الضرير " ادع الله أن يعافيني " وقد خلط بين أمرين:
الأول: المحاورة الابتدائية التي وقعت بين النبي والضرير، فكان المطلوب بلا شك هو طلب الدعاء من النبي، وهذا ما لا ينكره أحد، إنما الكلام فيما يأتي.
الثاني: الدعاء الذي علمه الرسول للضرير، فإنه تضمن التوسل بذات النبي ولا يمكن لأحد أن ينكر التصاريح الموجودة في الحديث.
والتصرف في النص الثاني بحجة أن الموضوع في المحاورة الأولى هو طلب الدعاء، تصرف نابع من اتخاذ موقف مسبق قبل النظر إلى الحديث، فإن الأعمى لم يدر في خلده في البداية سوى دعاء الرسول المستجاب، ولكن الدعاء الذي علمه الرسول أن يدعو به بعد التوضؤ، مشتمل على التوسل بذات النبي.
قال الدكتور عبد الملك السعدي: وقد ظهر في الآونة الأخيرة أناس ينكرون التوسل بالذات مطلقا، سواء كان صاحبها حيا أو ميتا، وقد أولوا حديث الأعمى وقالوا: إن الأعمى لم يتوسل ولم يأمره النبي (صلى الله عليه وآله) به بل قال له: صل ركعتين ثم اطلب مني أن أدعو لك ففعل.
وأنت يا أخي عليك أن تقرأ نص الحديث هل يحتمل هذا التأويل، وهل فيه هذا المدعى؟ أم أنه أخذ يطلب من الله مستشفعا بالنبي (صلى الله عليه وآله)، ولم يدع له (صلى الله عليه وآله). ولو أراد منه ذلك لاستجاب له أول مرة حيث طلب منه الدعاء بالكشف عن بصره فأبى إلا أن يصلي ويتولى الأعمى بنفسه الدعاء (1).