لا يطلق اسم البدعة عندنا إلا على ما هو محرم منها (1).
سؤال وجواب:
وهناك سؤال يطرح نفسه، وهو أنه إذا كانت البدعة قسما واحدا وأمرا محرما مقابل السنة، لا تقبل التقسيم إلى غيره فما معنى قوله (صلى الله عليه وآله): " من سن في الإسلام سنة حسنة فعمل بها بعده، كتب له أجر من عمل بها ولا ينقص من أجورهم من شئ، ومن سن سنة سيئة فعمل بها بعده كتب له مثل وزر من عمل بها ولا ينقص من أوزارهم شئ " (2).
والجواب: أن الشق الأول راجع إلى المباحات العامة المفيدة للمجتمع، كإنشاء المدارس والمكتبات وسائر الأعمال الخيرية، فلو أن رجلا قام - برفض الأمية - بإنشاء مدرسة أو مكتبة وصار عمله أسوة للغير، فقام الآخرون بإنشاء مدارس في سائر الأمكنة، فهو سنة حسنة.
وأما الشق الثاني: فهو راجع إلى الأمور المحرمة بالذات، فلو قام أحد بضيافة أشرك فيها النساء السافرات المتبرجات، ثم صار عمله قدوة للآخرين، فعلى هذا المسنن وزر عمله ووزر من عمل بسنته.
وعلى ضوء ذلك فالحديث لا يمت بصلة إلى البدعة المصطلحة، ولم يكن ببال أحد من الشخصين التدخل في أمر الشرع بالزيادة والنقيصة، بل كل قام بعمل خاص حسب دواعيه وحوافزه النفسية، فالإنسان العاطفي يندفع إلى القسم الأول الذي ربما يكون مباحا أو مسنونا، ومن حسن الحظ، يكون عمله قدوة، والإنسان الإجرامي يندفع إلى القسم الثاني، فيعصي الله سبحانه لا باسم البدعة بل