ترجع الآية، وتنص على سعة قدرته على جميع ما خلق وإحاطته بهم، وأنه بعدما خلق السماوات والأرض، استوى على عرش القدرة وأخذ يدبر العالم. وعند ذلك يتساءل القارئ: إذا كان الله جل وعلا هو المدبر والمؤثر فما حال سائر المدبرات والمؤثرات التي يلمسها البشر في حياته؟ فللإجابة على هذا السؤال قال سبحانه:
{ما من شفيع إلا من بعد إذنه} مصرحا بأن كل تأثير وتدبير في سبب من الأسباب إنما هو بإذنه ومشيئته، ولولا إذنه ومشيئته لما قام السبب بالسببية، ولا العلة بالعلية، وهذه القرائن توجب حمل هذه الجملة على ما يجري في عالم الكون والوجود من التأثير والعلية، وتفسيرها بالشفاعة التكوينية، وأن كل ظاهرة مؤثرة كالشمس والقمر والنار والماء لا تؤثر إلا بالاستمداد من قدرته سبحانه والاعتماد على إذنه ومشيئته حتى يتم بذلك التوحيد في الخالقية والتدبير.
ب - الشفاعة القيادية وهو قيام قيادة الأنبياء والأولياء والأئمة والعلماء والكتب السماوية مقام الشفيع والشفاعة في تخليص البشر من عواقب أعمالهم وآثار سيئاتهم. والفرق بين الشفاعة المصطلحة والشفاعة القيادية هو أن الشفاعة المصطلحة توجب رفع العذاب عن العبد بعد استحقاقه له، والشفاعة القيادية توجب أن لا يقع العبد في عداد العصاة حتى يستحق. والظاهر أن إطلاق الشفاعة على هذا القسم ليس إطلاقا مجازيا، بل إطلاق حقيقي. وقد شهد بذلك القرآن والأخبار، قال سبحانه: {وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع لعلهم يتقون} (1). والضمير المجرور في {به} يرجع